• باعتبار خلفيتي.. لقد احتجت لكي أعرف كيف أتصرف مع جهاز الفيديو، لأرى شريطين عن مارادونا وبيليه، ثمانية عشر عاما، فأنا الآتي من ريف عسير، وأذكر كيف نشأت على أعمال الحرث والسقاية والرعي، أما التلفزيون، حين كان بالأبيض والأسود، فأذكر فيه، كالخيالات، أم كلثوم وعبدالحليم وفيروز، وأذكر بوضوح الليث الأبيض وغرندايزر في القناة السعودية، وأذكر كيف كانت الحارة كلها تجتمع في بيت واحد لترى مسلسلا بدويا أو أغنية، يومها كانت التاسعة أو العاشرة ليلا هي أقصى ما يحتمله الليل، أما اليوم، وفي هذا الزمن المسعور، فإنني أتأمل في ابنتيّ وهما في الابتدائية يتحدثان عن اليوتيوب والإكس بوكس وجاستن بيبر وبرامج المواهب البريطانية والأمريكية والعربية، والآيفون والآيباد والدي في دي.. الخ، وعبثا أحاول أحيانا أن أحدثهما عن بينك بانثر أو افتح يا سمسم أو هايدي وجون سيلفر أو حتى فيروز وعبدالحليم وأم كلثوم، وأكثر من هذا؛ حتى عن طلال مداح ومحمد عبده وماجد عبدالله، فلا يعني ذلك لهما شيئا، وفجأة وحين أثرثر على هذا النحو البائد والمنقطع، تسألني ابنتي "إيش يعني حلف الناتو؟"، أو تسأل باستخفاف "ليش الأبلى – أي المعلمة - تقول إن صوت الحريم عورة؟"، أو تسألني أختها الصغيرة "كيف احترقت مدرسة مراعم الوطن؟" - وأكتبها بالميم وليس الباء لأنها هكذا قالتها - فأتذكر لحظتها حين كنت أحار أمام جهاز الفيديو وأنا في بدء شبابي، في الثامنة عشرة، لأرى فيلما للقطات عن مارادونا وبيليه.. وأتذكر كيف نجحت ورأيته خُفية، وكيف كنت أكتم صوت الموسيقى، خوفا من الذنب!.

http://www.youtube.com/watch?v=y_k6wTfS9B8&feature=related

• في هذا العام الغريب 2011 هرب زين العابدين بن علي من تونس، ليلتها كان مجهولٌ مسحوق يصرخ بنشوة وهستيرية؛ "بن علي هرب"، وهناك في مصر.. المصريون خلعوا مبارك ووضعوه على السرير في المحكمة، ورآه العالم كله وهو بعد نفوذه وجبروته يظهر ممددا وذليلا، يقول للقاضي وهو ينادي باسمه عاريا من الأبهة.. "حاضر يا أفندم"، وفي هذا العام رأينا الليبيين كيف قاتلوا القذافي، الذي خاطب شعبه بـ"من أنتم؟!" ووصفهم بالجرذان، فقتلوه أخيرا بلا أدنى رحمة، واليمنيون كيف صبروا على المراوغات والكيد حتى حصلوا على نصف انتصار، ولن يقفوا حتى يكملوا نصفه الباقي!.

• نحن الشباب حين نصير أجدادا سنتحدث عن هذه السنة، والصغيرات حين يصرن أمهاتٍ سيحكين عنها، والصبية عندما يكبرون قليلا سيتباهون بكلام شديد التضاد عنها، أما المسنّون الآن فإنهم من الآن لا يحبونها، إما لأنهم يرونها خذلانا وتآمرا، أو لأنها تأخرت حتى الوقت الذي لم يسعفهم أن يكونوا طرفا فيها!.

• أدعو: "يا رب اجعله جيلا آمنا، واجعلها بلدة آمنة"..