يتحوّل الخامس والعشرون من نوفمبر من كل عام في معظم دول العالم إلى مناسبة مهمة لإطلاق حملات نسائية تدين العنف ضد المرأة، وهو يوم مهم للتذكير بأن هناك عنفاً يمارس ضدّ النساء. ولكن هذا العام تم تذكيرنا بهذا الأمر بطريقة مختلفة، إذ على خلاف فيلم "جعلتني مجرما" يستيقظ المجتمع أحد صباحاته على خبر مأساوي: "أربع فتيات يقتلن شقيقهن بعدة طعنات قبل فصل رأسه عن جسده" ومن المفارقات أن هذه الحادثة تأتي قبل اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة بفارق أيام.

لست مع فكرة العنف المضاد نهائيا، ولكن هنا حين يصبح الأمر واقعا ويذهب نتيجة له ضحايا حقيقيون يحق لنا السؤال لماذا حدثت هذه الجريمة؟ وما هي دوافع الفتيات إلى القتل؟ ومتى تصبح المرأة قاتلة؟ بالتأكيد أنه العنف الذي بالضرورة يولد العنف.. لا يولد الإنسان مجرما ولا شريرا لأن الأصل في الإنسان هو الخير. إن الضحايا الأساسيين للعنف الأسري هم النساء، والذكور بشكل عام هم المتسببون فيه، ويرجع ذلك إلى المفهوم المعبأ ذهنيا تجاه المرأة من قوامة وولاية ورجل كامل، وامرأة ناقصة عقل فهي تعطي ذريعة مباشرة لممارسة العنف عليهن، .

المرأة لا تستيقظ فجأة في صباح أحد أيامها لتحمل سلاحا وتقتل به رجلا إلا حينما تصل إلى مرحلة الصفر، حيث تنتهي الحياة بالنسبة لها وتغلق أمامها جميع أبواب الأرض ولا يعود للمنطق عندها أي وجود، إنها اللحظة التراكمية الحاسمة التي تدفع إنساناً ما إلى هاوية الجريمة والقتل. وهنا لا يجب أن يكون الخبر مجرد "قصة فتيات قاتلات" بل يجب أن يدرج في نهايته من جعلهن قاتلات؟

لا يوجد عامل محدد وراء انعكاس العنف على المرأة بقدر ما هو يحدث بسبب عدة عوامل ساعدت على إيجاد بيئة مناسبة لظهور العنف المضاد كما حدث مع "الفتيات الأربع في حفر الباطن" وليس في شيكاغو.

ما يزال يتشكل العنف ضد المرأة ويتضخم ويظهر على السطح بين وقت وآخر وهنا علينا ألا نكتفي بأن ندين كل مستويات العنف الموجه ضد النساء، بل أن نؤكد على أن قضية العنف ضد النساء هي قضية مجتمع بأكمله تعكس واقعا مؤلما تعيشه وتعاني منه آلاف النساء. ومن هذه الضرورات الملحة هو التوجه العملي لتطبيق سياسات تقوم على مكافحة العنف ضد المرأة، وتوعية الرأي العام بهذه المشكلة، ووضع خطة عمل وطنية من أجل تطبيقها على أرض الواقع وليس في المكاتب المغلقة.