حين قرأت أول الأخبار الصحافية التي نشرت عن سبب حريق مدرسة براعم الوطن؛ وتفيد بأن خمس طالبات بين 12 و13 سنة افتعلن حريق المدرسة؛ ثم تضمن أنه تم تصديق اعترافاتهن شرعا في إحدى محاكم جدة؛ وخروجهن بكفالة؛ شعرت من الوهلة الأولى أني أمام مُجرمات لا صغيرات عبثن بحرق بعض الأوراق ليجربن جرس الإنذار، الذي حين حصل الحريق بحسب ما تحدثت به طالبات المدرسة لم يسمعنه جميعهن، ما يعني أنه يعاني من عدم الصيانة!

ولكن هل فعلا ستتم محاكمة الصغيرات ويتحمل أولياء أمورهن الدية كما جاء في بعض الأخبار الصحافية، كونهن قاصرات فيما يُترك الذين تسببوا في وجود ضحايا بهذا العدد؟! فإن كنّ الصغيرات عبثن بالنار فنتيجة لصغر سنهن، لكن ما التبرير لمن يعبث بمسؤوليته وواجبه من الكبار؟! سؤال حيرني أمام صيغة خبر أشعرني وكأنه أخيرا ينتهي إصلاح ما كان الكتاب ينادون به قبل هذا الخبر! فقد تم العثور على من يتحمل مسؤولية حريق بضحاياه؛ وإن كنّ طفلات.. وبصراحة من أسباب الحرائق في العالم هو عبث صغار السن دون معرفة بخطورة العبث بالنار! وهذا لا يعني أنهن افتعلن الحريق أو تعمدنه؛ ليتم التعامل معهن دون مراعاة حالتهن النفسية! فالله وحده يعلم كيف يعانين الآن وأتمنى من أولياء أمورهن ألا يعنفوهن، ومن المجتمع ألا ينبذهن ويتعامل معهن كمجرمات، ومن اللجنة الموقرة المعنية بالتحقيق في الحريق أن تشفق على حالتهن وتحقق في كيفية التعامل مع الكارثة لا فقط في سببها!

فالحريق قد يندلع بأي سبب من الأسباب وبالتالي من يتحمل المسؤولية وتجب محاكمته هم الكبار الذين عبثوا بمسؤولياتهم وقصروا فيها، بدءا من إدارة المدرسة التي تركت الطالبات يسرحن خارج الفصول أثناء الحصص دون وقوف المعلمات عليهن! فماذا يعني وجود هؤلاء الطالبات خارج الفصل في ظل وجود بقية طالبات المدرسة في فصولهن؟! هذا يعني التسيب، فحتى لو كانت معلمتهن غائبة فمن العُرف المدرسي وقوف معلمة الاحتياط عليهن منعا لمثل هذا العبث! هذا بجانب عدم وجود خطة مدرسية للطوارئ التي وصفتها معلمات المدرسة نفسها بأنها "حبر على ورق" في أول الأيام بعد الحريق، حتى إنهن كن يجهلن استخدام الطفايات أو التعامل مع جرس إنذار ضعيف الصوت! أيضا ماذا يعني أن يأتي الدفاع المدني وهو غير مجهز بالتجهيزات التي تتناسب مع حجم حريق شب في مدرسة بها ما يقارب 900 طالبة وموظفة! ويتعامل معها وكأنه حريق في عمارة سكنية!

أيضا ماذا يعني أن تشترط وزارة التربية والتعليم وجود قضبان في نوافذ فصول الطالبات لا تسمح بخروجهن منها أبدا دون حساب للحوادث وحالات الطوارئ، فحولت مدارسهن إلى سجون دفعا للمنكر دون اشتراط السلامة والبيئة الصحية لهن! و.. و.. إلخ!

إن كنا نريد إصلاح الفساد الإداري حقا في بعض الأجهزة الحكومية التي لها يد مباشرة وغير مباشرة في وجود ضحايا لحريق البراعم فعلينا أن نخجل من محاكمة صغيرات البراعم.