طالب قادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس العقيد الليبي معمر القذافي ونظامه بالرحيل دون تأخير، وقرروا دراسة "كل الخيارات الممكنة لحماية المدنيين" معتبرين المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا "محاورا شرعيا". ويبدو أن إعلان قمة بروكسل كان وسطيا، للخروج من مأزق الانقسام على نقاط خلافية حول العمل العسكري ضد ليبيا، والاعتراف بالمجلس الوطني. فقد اعترض قادة أوروبيون على بادرة فرنسا بالاعتراف رسميا بالمعارضة ممثلا وحيدا للشعب الليبي، واستعدادها مع بريطانيا لشن غارات ضد القوات الموالية للقذافي. واعتبر هؤلاء أن العمل العسكري من اختصاص حلف الأطلسي، وبموافقة دولية ومشاركة عربية. وهو ما أكدت عليه واشنطن.

في المقابل هدد القذافي أوروبا بوقف دعم بلاده لمكافحة الإرهاب الدولي ومحاربة الهجرة غير الشرعية، إذا تخلت عن دعم نظامه. كما جمدت ليبيا علاقتها الدبلوماسية مع فرنسا.

في غضون ذلك، استعادت القوات الليبية السيطرة على مدينة رأس لانوف النفطية بعد عمليات قصف مكثفة من البر والبحر والجو، وهددت بالتقدم باتجاه الشرق الذي يسيـطر عليه الثـوار.




دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي أمس العقيد الليبي معمر القذافي ونظامه إلى الرحيل "بدون تأخير"، ونددوا بالعنف المرتكب ضد المدنيين، كما أعلن رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي. وقال رومبوي بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقد حول ليبيا في بروكسل إن قادة دول الاتحاد قرروا دراسة "كل الخيارات" الممكنة لحماية المدنيين في ليبيا، شرط توفر سند قانوني واضح ودعم في المنطقة. كما اعتبر القادة الأوروبيون أن المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا محاور "شرعي"، فيما أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن قمة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ستعقد "في الأسابيع المقبلة" لبحث الأزمة الليبية.

ويبدو أن إعلان قمة بروكسل كان وسطيا، للخروج من مأزق الانقسام على نقاط خلافية أبرزها العمل العسكري ضد ليبيا، والاعتراف بالمجلس الوطني الليبي. فقد أكد الإعلان أن أوروبا تدرس كافة الخيارات لحماية الليبيين، دون تحديد هذه الخيارات هل هي ضربة عسكرية كما رأت بريطانيا وفرنسا. وكان ساركوزي أكد فور وصوله قمة بروكسل أمس أن فرنسا وبريطانيا مستعدتان لشن غارات محددة الأهداف ضد القوات الموالية للقذافي كملاذ أخير إذا استخدم القذافي غارات جوية أو أسلحة كيميائية ضد شعبه. وشدد على أن هذه الغارات ستشن "بشرط أن تدعو الأمم المتحدة لها وأن تقبلها الجامعة العربية وتريدها سلطات (المعارضة) الليبية". وألمح إلى أن أي مهمة من هذا القبيل يجب أن يضطلع بها حلف شمال الأطلسي (الناتو). إلا أن هذا الاقتراح واجه معارضة من قادة الاتحاد حيث قال رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفيلت "أعتقد أن الاتحاد منوط به دور آخر هو الحوار ودعم الديموقراطية والتنمية". ووافقت رئيسة ليتوانيا داليا جريباوسكايت على ذلك، وقالت "لا أعتقد أن الاتحاد يمكن أن يتحدث عن عمل عسكري، إنه أمر يخص الناتو"، وهو ما أيده وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، الذي أعلن أن بلاده "ترفض أي تدخل أجنبي" في ليبيا لأنه قد يشجع الإرهاب وأنها تأمل بالمقابل "وساطة بين نظام القذافي والمعارضة المسلحة"، وذلك في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وبالنسبة للاعتراف بالمعارضة الليبيبة، اعتبرت قمة بروكسل أن المجلس الوطني الليبي محاور "شرعي" من دون الاعتراف به ممثلا وحيدا للشعب الليبي كما بادرت فرنسا بذلك أول من أمس. واتخذ عدد من الدول الأوروبية أمس مسافة من فرنسا، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إنها تفضل التزام الحذر، "ويجب انتظار ما إذا كانت جامعة الدول العربية ستعترف بهم".

في المقابل، هدد القذافي بأن بلاده ستوقف دعمها لمكافحة الإرهاب الدولي والهجرة غير الشرعية، بحسب وكالة الأنباء الليبية الرسمية. وقالت الوكالة إن القذافي "وجه رسالة إلى قادة أوروبا أمس أشار فيها إلى أنه أمامهم خياران. وأوضح "إما أن تستمر ليبيا في محاربة عصابات القاعدة التي ظهرت في بعض المدن الليبية فجأة، وتستمر في عضوية التحالف الدولي ضد الإرهاب، وعلى هذا التحالف أن يدعم ليبيا في كفاحها ضد القاعدة، وأن تستمر كذلك صمام أمان في شمال أفريقيا وتقف في وجه موجات الهجرة المتدفقة من أفريقيا نحو أوروبا وعلى أوروبا كذلك دعم ليبيا في هذا التصدي للهجرة". وتابع القذافي "أو أن التحالف ضد الإرهاب يتخاذل في دعم ليبيا". وقال "في هذه الحالة فإن ليبيا ستكون مضطرة وغير ملامة في الانسحاب من التحالف ضد الإرهاب، وترفع يدها عن الهجرة ليتدفق الملايين من السود إلى أوروبا".

وعلى صعيد المواجهات، استعادت قوات النظام الليبي السيطرة على مدينة رأس لانوف النفطية بعد عمليات قصف مكثفة من البر والبحر والجو، وهددت بالتقدم باتجاه الشرق الذي يسيطر عليه الثوار. وسحبت المعارضة آخر نقطة تفتيش رئيسية لها في رأس لانوف وأقامتها على بعد ما بين 15 و20 كيلومترا إلى الشرق، بعد تعرضها لهجمات مكثفة برا وبحرا وجوا من قوات القذافي، التي شنت هجوما جويا قرب بلدة العقيلة الواقعة إلى الشرق من رأس لانوف، وهجوما جويا أكثر توغلا في الشرق على بلدة نفطية أخرى هي البريقة.

وكان التلفزيون الليبي أعلن أول من أمس أنه تم تطهير رأس لانوف مؤكدا أن القوات الليبية تتقدم حاليا باتجاه بنغازي أهم مدن شرق ليبيا ومعقل المعارضة. وبحسب مصدر طبي، لا تزال هناك جيوب مقاومة في المدينة حيث خلفت المعارك 10 قتلى وعشرات الجرحى.