في الأسبوع الماضي كنت في مكتب أحد الوزراء، وعلى هامش اللقاء حاصرني الوزير بهجوم استخدم فيه كافة أنواع الأسلحة، وساعده في ذلك أحد وكلائه، حيث شكا الوزير من واقع صحافتنا والعاملين فيها، وانتقد بشدة المراسلين الذين حسب وصفه غير مؤهلين ولا يعيرون ضوابط النشر كالموضوعية والدقة والمصداقية أي اهتمام، فضلا عن جهلهم بأخلاقيات المهنة، وأنه ثبت له ولجهات رقابية في الدولة ولأكثر من مرة وبعد التحقيق في قضايا نشرتها الصحف أنها كانت قضايا مختلقة، وأن صورا نشرت على أنها ملتقطة من الواقع لقضايا معينة تبين أنها صور غير حقيقية، كما كشفت التحقيقات في بعض القضايا أن بعض المراسلين كتبوا ما كتبوا انتصارا لأنفسهم يوم أن منعوا من دخول مكان ما، أو لعدم حصولهم على خدمة لا يستحقونها، أو لأنهم لم يحصلوا على استثناءات كما كانوا يتوقعون كونهم صحفيين.

الوزير قال أيضا إن واحدة من أكبر المشاكل التي تعاني منها الصحافة المحلية أنها تنتقد كل شيء، وتبحث عن الأخطاء في كل جهة، وتحرض الجهات الرقابية على محاسبة المخطئين لكنها تنسى أنها مليئة بالأخطاء الكبيرة والمتكررة والفادحة بل والكاذبة.

واستغرب الوزير عدم حرص هيئة الصحفيين أو المؤسسات الصحفية على تدريب الصحفيين على أخلاقيات المهنة، وأنه من غير المقبول أن يمارس الصحفي الكذب أو يختلق قضايا غير موجودة أو أن يبالغ في وصف وتشخيص مشكلة ما، من منطلق إثارة غير موضوعية أو بسبب جهله بأساسيات مهنته التي تجبره على التحري والدقة قبل النشر.

وقد أيدت الوزير في كثير مما ذهب إليه عن واقع الصحافة والصحفيين، ولم يكن تأييدي للوزير فيما قال كونه وزير أو كوني متواجدا في مكتبه، فلي مقالات وحوارات في الصحف الورقية والإلكترونية ومداخلات تلفزيونية عديدة انتقدت فيها واقع عدد ليس بقليل من الصحفيين وخاصة المراسلين، ولعل من عمل معي سابقا أو ممن يعملون معي حتى هذه اللحظة يعانون من كثرة ملاحظاتي عليهم، وحرصي الدائم على الالتزام بضوابط النشر، لكنني قلت للوزير ولوكيله الذي ذكر العديد من الوقائع الموثقة التي تظهر كذب بعض المراسلين وعدم حرص الصحف على التحري قبل النشر؛ قلت لهما إن الكثير من المسؤولين الذين يشكون من الصحافة والصحفيين هم من حيث يعلمون أو لا يعلمون يساهمون في مثل تلك الأخطاء التي يشكون منها، حيث يعاني الصحفي من ندرة المعلومات التي يحتاجها، خاصة عند وقوع حوادث أو مشاكل أو عند ظهور شائعات أو صدور قرارات، فعندما تختفي المعلومة من مصادرها يلجأ الصحفي لمصادر أخرى ومن هنا تأتي المعلومات المغلوطة، وإن حالة العداء مع الصحافة لا تجدي، وكذلك حالة التحدي والتهديد بالشكوى ضد الصحافة أيضا لا تجدي، فـ (السلطة الرابعة) دائما هي الفائزة وإن تلقت ضربات موجعة، ولكن الحل يكمن في تعزيز العلاقة مع الصحافة عبر مد خطوط اتصال دائمة وتزويدها بالمعلومات وتقبل النقد بصدر رحب، والمبادرة دائما بتزويدها بما يستحق النشر والمعرفة لا أن يكون النشر لإطفاء الحرائق فقط، فيوم أن تجد الصحافة تعاونا وتقديرا وتفهما لدورها حتما ستغض الطرف عن بعض جوانب القصور التي لا تعدل شيئا أمام الجوانب الإيجابية التي ظهرت بحكم ذلك التواصل الدائم مع الصحافة والصحفيين.