بظهور نتيجة انتخابات نادي الطائف الأدبي وتشكيل مجلس إدارته يسدل الستار على العملية الانتخابية في أندية الوطن الأدبية، ليضطلع كل مجلس بمهامه ودوره تجاه الثقافة والإبداع بعمل دؤوب ينشد دفع العجلة، وحفز الحراك تجاه فعل خلاق يواكب التنمية في شتى صورها. هنا فقط تكمن مسؤولية المثقف والمبدع، إلا أن ما تلا الانتخابات في عدد من المناطق من حمى الطعون، والاحتجاجات، والتهديد بالاستقالة يبعث على سؤال كبير وعميق: هل الثقافة منصب؟ وبصورة أكثر دلالة: ألن يتفهم المبدع دوره في نادي منطقته سوى بتربعه على سدة الرئاسة أو على الأقل داخل المجلس المنتخب؟
إن تعالي أصوات بعض من شاركوا في العملية الانتخابية ثم لم يحققوا نقاطا تخولهم بالمساهمة الرسمية مع أنهم أقبلوا مرتضين شروط اللائحة، وعلى دراية بما يمكن أن يحدث في العملية من رؤى قد تكون انطباعية وجدانية تميل إلى شخوص بعينهم دون آخرين، يجعلنا نحار في التعرف على نوايا الخاسرين الذين بدأوا يكيلون الاتهامات لمن حققوا القدر الأوفى من الأصوات، فمن متهم بالتكتلات الخفية، إلى آخر يصم ما حدث بالعصبية القبلية، وثالث يهدد بالاستقالة والنأي بعيدا إن لم يتشبث بكرسيه السابق.
ومن هنا تظهر علامات المرض في مشهدنا الثقافي السعودي، فيشتعل أوار الأنانية التي لا تقبل إلا بمبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي، الأمر الذي يعطل المسيرة نحو الأهداف التي من أجلها كرست وزارة الثقافة والإعلام جهدها للتغيير من أجل التطوير الذي نرومه جميعا، والذي علينا أن نتقبله على الأقل في المرحلة الراهنة التي لن تصل إلى الكمال، إذ هي في حاجة دائمة إلى المراجعة والنقد والتقويم.
دور المثقف والمبدع مسؤولية بحد ذاته، ومهمة وطنية تشتغل على الهم الجمعي، والدخول إلى مناطق العتمة ثم إضاءتها وتنويرها، ناهيك عن الأخذ بزمام المبادرات تجاه الشباب الواعد الموهوب المنتظر لاحتوائه، وإرشاده وصقل تجربته.. دور المثقف لا يتطلب منصبا ولا كرسيا أو"بريستيج" حضور "وفلاشات" إعلام، ولن يكون ذلك إلا إن آمن حق الإيمان بأن كيانه، ووجوده المؤثر لا يرتبطان بحزمة الأصوات، ولا حتى بالتكتلات.
إننا بحاجة إلى أن تخبو تلكم النيران المشتعلة في الصدور من أجل قافلة تسير قدما، وحضور ثقافي متألق، وإبداع صادق ترتفع به الرايات، وما دمنا ضمن عمل مؤسسي مسؤول فلنشارك في فاعلياته، ولنتقبل نتاج المشاركة، متمنين لمن حاز القصب التوفيق، ومساندين للفعل الثقافي بروح طيبة، وخواطر مجبورة.