8 ريالات، هي متوسط ما دفعه الزائر لمعرض الرياض الدولي للكتاب الذي دخل يومه العاشر. وذلك المبلغ هو ما تنتهي إليه الأرقام التي كشف عنها وكيل وزارة الثقافة والإعلام المشرف العام على المعرض الدكتور عبدالله الجاسر في تصريح صحفي أمس، حول عدد الزوار والمبالغ المدفوعة لشراء الكتب.
وبحسب الجاسر، فإن عدد المرتادين للمعرض من الجنسين في اليوم الواحد وصل إلى ما يزيد عن 300 ألف، بمحصلة تقارب 3 ملايين زائر وزائرة، في حين توقع أن يصل مجموع ما دفعه أولئك إلى 25 مليون ريال مع اختتام المعرض غداً.
ولم يتسن حتى أمس، الحصول من إدارة المعرض على خارطة الميول التي سلكها الزوار في شرائهم لكتب بذاك الرخص، لكن جولة سريعة على أسعارها باستخدام التطبيق الإلكتروني على أجهزة الآي فون، والذي جهزه فريق التقنية في المعرض، يكشف عن أن أسعار عينة عشوائية من الكتب التي تردد أنها الأكثر مبيعاً تطفو فوق الثلاثين ريالاً.
ورغم تواضع المبالغ المدفوعة مقارنة بعدد الزائرين، إلا أن عدداً من المثقفين الذين تحدثوا إلى "الوطن" أمس، كشفوا عن أن بعض الزائرين يحولون ما اشتروه من كتب إلى زينة على الأرفف لمجرد التفاخر. بينما يتأسف مسؤول عن دار نشر لبنانية لتراجع الإقبال على كتب الفكر، مشيراً إلى أن رواد داره يبحثون عما خف وزنه ومحتواه.
وفي جانب آخر، وربما لإقناع زوار المعرض بالقراءة، اتجه جناح وزارة الشؤون الإسلامية إلى توزيع كتبه مجاناً، ولمضاعفة الإقبال عمدت أيضاً إلى تنظيم مسابقات رصدت لها حاسبات محمولة ووسائط إلكترونية.
دخل أحد الأجنحة عجلا متحمسا وراح يطلب رواية للكاتب الكولومبي الشهير ماركيز وحين لم يجدها طلب من البائع أن يعطيه رواية بحيث لا تزيد صفحاتها عن 200 صفحة!!
هي صورة لأحد الشباب السعوديين التقطت من معرض الرياض الدولي للكتاب بالأمس، لكنها بالتأكيد لاتعبر عن كل المشهد في معرض يزدحم بالمئات من كل الشرائح والأعمار كل يوم، غير أنها أثارت سؤالا لدى عديد المراقبين: إلى أين تتجه بوصلة القراءة لدى السعوديين؟ سؤال ظل حائرا في أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب مع بقاء أقل من 48 ساعة على إغلاق دورته الحالية.
فمع شبه الإجماع على تأكيد قوته الشرائية، رغم عدم وجود أرقام حقيقية واضحة، إلا أن عناوين الفكر والتراث، والإبداع الأدبي بأجناسه كافة ما بين سرد وشعر، وصولا إلى الكتب السياسية، تبقى متداخلة ما بين الناشرين والقراء مطلقة أسئلة تبقى إجاباتها انطباعية، مفتوحة على كل الاحتمالات.
الكاتب خالد اليوسف ومن داخل أحد الأجنحة التقط السؤال، وقال لـ"الوطن": لا يمكننا معرفة سلوك القراء بسهولة ، حيث ما زال لدينا من تشعر أن عدوى شراء الكتاب تحكمه أكثر من الحرص على قراءته. مشيرا إلى أنه يعرف بعض من يخصصون في مثل هذه الأيام ميزانية للشراء لمجرد تزيين بعض أرفف مكتبه في المنزل بأغلفة تلك الكتب دون أن يلقي لها بالا.
ولم يجد الكاتب إبراهيم البليهي سوى خمس دور نشر يمكن القول إنها تساهم في تغيير عقول الناس وفهمهم لما يدور حولهم ، حسب قوله ، قبل أن يضيف: كثير مما يعرض يمكن شراؤه من أية مكتبة خارجية ولا داعي أصلا لمشاركته في المعرض. ويرى البليهي أن مسألة الإقبال على الكتاب كفيلة مع مرور الوقت بأن تحقق شيئا من الوعي، بشرط أن يتضمن الكتاب معلومات جيدة تدفع لقراءته.
وفي الوقت الذي يطرح فيه عدد من المراقبين انحسار ظاهرة موجة الرواية عما كانت عليه قبل سنوات يرى رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي محمد بودي أن الرواية ما زالت تتسيد المشهد بالنسبة لفئة الكبار والقصص للأطفال، مستدلا بأن أرفف دور النشر تشير إلى تنامي الاهتمام بهذين الفنين لدى فئات المجتمع. وقال بودي إنه تعود في كل معرض أن يشتري قصصا لأطفاله وروايات تجد اهتماما كبيرا لدى أفراد أسرته.
مندوب دار الطليعة اللبنانية تأسف لتراجع كتب الفكر عما كان في السابق، ذاهبا إلى أنه بات لدينا قراء يستسهلون الثقافة، وهم يبحثون عن الشيء البسيط والخفيف، والذي لا يعمل فيه عقله مثل كتب الروايات والقصص، مؤكدا أن الكتب التي تبعث على التحليل والتفكير العميق قل مريدوها مع أن المشهد الثقافي والسياسي في الوطن العربي يدفع باتجاه البحث عنها حسب قوله.
فهد العتيبي أحد زوار المعرض قال إنه جاء ومعه قائمة لبعض المراجع التي يحتاجها لدراسته في الماجستير، ذاكرا أنه بعد الحصول عليها يفكر في زيارة دور النشر المصرية حيث يجد لديها كتبا أدبية جيدة وبأسعار معقولة على حد قوله.