بينما بدا مندوبو عدد من دور النشر المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب منتشين معبرين عن حالة رضا من حجم المبيعات. كان مندوب مركز الدراسات العربية يؤكد لـ"الوطن" أنه يبيع في معرض الرياض الدولي للكتاب ما لا يبيعه في معارض القاهرة وبيروت والشارقة مجتمعة، ويتفق معه مندوب دار الساقي حول أن معرض الرياض يتقدم على معرض القاهرة الدولي في حجم الطلب على الكتاب، في حين وصف مثقفون حالة الإقبال الكبيرة على الكتاب التي شهدها معرض الرياض طبقا لتأكيدات عدد من الناشرين لـ"الوطن" بـ"الاستهلاكية" والتي لم تنعكس -حسب وصفهم- كما ينبغي على الوعي الجمعي بدلالة سطحية كثير من القضايا التي يناقشها المثقفون، والتي لم تتجاوز حدود ما يعاد من قضايا تقليدية يلوكها المجتمع السعودي منذ سنوات.

ويرى الناقد والشاعر محمد الحرز أن مكمن الخطورة في الأمر أن المجتمع بجميع فئاته كما يكشف معرض الرياض مقبل على القراءة، أي أن لدينا قراء يحرصون على اقتناء الكتاب خلاف ما يذهب إليه البعض، إلا أن حجم الطلب لم ينعكس على مستوى الحراك الذي يفترض أن يكون عليه المجتمع، حيث تغيب الحوارات الجادة، والتي يفترض أن تدور حول كثير من القضايا بحيث يتجلى أثرها واضحا في البنية الفكرية للمجتمع.

ولم يذهب الكاتب عبدالله السفر بعيدا وهو يتحدث عن تلك القضية مشيرا إلى أننا على مستوى الرقم ومبيعات الكتاب مجتمع استهلاكي، حيث انتقلت طبيعتنا الاستهلاكية للأشياء من حولنا حتى لمعارض الكتب، وتجد أن البعض يشتري كتبا لا يمكنه أن يحيط بها خلال عام.

ورأى السفر أن القراءة ليست مرتبطة بالتغيير والذي يرتبط بأكثر من عامل لا يمكن أن تتفرد بها القراءة وحدها. ويعتقد أن الخروج من تلك الأزمة مرتبط بأسباب ظهورها، مؤكدا على أهمية تغيير ثقافة المؤسسة والبنية الثقافية التي يمكن من خلالها التأسيس لوعي يتحرك من خلاله الفرد في بيئة ثقافية صحيحة. بينما يؤكد القاص ماجد الثبيتي أن لدينا بالفعل أرضية خصبة مهيأة للثقافة ومعارض الكتب تعد تظاهرة ثقافية كبرى، وفيها فرصة لتغيير وعي الناس وفتح كثير من النوافذ، إلا أن مؤشرات ما يطرح من نقاش في المجتمع السعودي لا يعكس ذلك، المفترض حيث ما زالت القضايا الموجودة بالمجتمع هي نفسها منذ سنوات، ولم يخل معرض الرياض –والحديث لماجد- من تقديم نفسه في اتجاه ثقافي واحد لا يقدم على سبيل المثال الفكر والفلسفة بالمستوى المطلوب، في إشارة منه إلى محدودية ما تقدمه دور النشر المشاركة في ذلك الجانب.

وفي بعد آخر للقضية يقول الحرز إن منسوب الوعي الخليجي على مستوى ثقافة الفرد مرتفع إلا أنه ليس كذلك على مستوى المؤسسات، بعكس ما يحدث في مصر والعراق وغيرهما، ففي دبي مثلا يمكن أن تستدل على حداثة المدينة في حين يغيب إنسانها.

ولا يتوقع الثبيتي في ظل تلك المعطيات أن يحدث تغير على مستوى المقروئية ما لم تتطور المؤسسة نفسها بحيث يمكن أن يتحرك عبرها مشهدنا المحلي ويستفز قضايا جادة تلامس الواقع.