لم تكن الدنمركية نادية بلسنير التي تدرس الفن حاليا بأكاديمية "ريتفيلد" في العاصمة الهولندية أمستردام، لم تكن تعتقد أن إحساسها الفني الإنساني، وشعورها بمأساة أهالي دارفور القاسية سوف يكلفها عشرات الآلاف من اليورو عليها أن تدفعها كغرامة لإحدى شركات الأزياء والموضة الشهيرة في باريس.
ففي عام 2008 رسمت نادية لوحة أطلقت عليها اسم "دارفوريكا" تمثل جانبا من الصراع الذي وقع في دارفور، ولكن لمحة فنية عابرة سجلتها أثناء رسم اللوحة أوقعتها في مطب لا تحسد عليه، حيث رسمت طفلا من دارفور في قلب اللوحة ممسكا بيده حقيبة صغيرة وردية اللون، والحقيبة من تصميم شركة الموضة الفرنسية "لويس فوتن" وعليها علامة الشركة، وهو ما فجر غضب شركة الموضة ضد الفنانة، حيث اعتبرت رسمها للحقيبة إيحاء بوجود يد للشركة فيما يجري في دارفور، وأن الشركة لا تهتم بالأوضاع الإنسانية لشعب دارفور بقدر اهتمامها بترويج منتجاتها هناك رغم الظروف القاسية.
ورغم محاولة نادية أن تنفي عن نفسها تهمة التآمر التجاري ضد الشركة، إلا أن الأخيرة طالبتها أمام القضاء بدفع تعويض قدره 500 يورو عن كل يوم تقوم فيه نادية بعرض لوحتها على موقعها الإلكتروني الخاص بها، باعتبار عرضها اللوحة على الموقع نوعا من الدعاية السلبية لمنتجات الشركة وإبرازها بصورة لا إنسانية أمام العالم.
وأعلنت الفنانة نادية من أمستردام أمس أنها ستقيم دعوى مضادة، لأن مجموع الغرامات التي طالبت بها الشركة الفرنسية بلغ الآن 190 ألفا، وأشارت إلى أنه لم يطالب أحد بمعاقبة إحدى شركات الموضة التي وضعت صورة للفنانة باريس هيلتون على قمصان، بل تم بيع هذه القمصان لصالح سكان دارفور، وأنها قصدت من الصورة ورسم الحقيبة في يد الطفل، لفت أنظار كبريات الشركات التجارية للانتباه إلى مأساة الإقليم والعمل على مساعدته، وأنها مجرد حرية فكرية وفنية لا يجب أن تعاقب عليها. ولا يزال الجدال جاريا بين المدن الأوروبية الثلاث، في الدنمرك حيث ستقيم الفنانة نادية دعوى قضائية ضد الشرطة الفرنسية لوقف طلب التعويض، وفي باريس حيث تقيم الشركة دعوى التعويض، وفي هولندا حيث تدرس نادية الفن، وتروج لفكرة الحرية الفنية، ولمأساة دارفور، وتطالب بعدم معاقبتها أو تغريمها، والسماح لها بعرض لوحتها على موقعها بحرية.