ينظم الثوار الليبيون في بنغازي التي يسيطرون عليها حياتهم الجديدة لكن الطريق إلى وضع طبيعي قد تكون طويلة، فبعد ثلاثة أسابيع من بدء الثورة، ما زالت المدارس مغلقة ووحدة المجمع الرياضي تحولت إلى معسكر للتدريب. ويقضي الأطفال يومهم أمام أجهزة التلفزيون بسبب خوف الأولياء من خروجهم إلى الشارع الذي لا يزالون يعتبرونه خطرا. وقد بدت آثار الرصاص على مباني وعلى سور مدرسة للبنات خلت من طالباتها.

ولم يتلق موظفو الشركات الدولية مرتباتهم ولم يقبض العاملون لشركات ليبية إلا نصف مرتب. وقالت نجاة غومة الفنية في مختبر "المستقبل مخيف ونحن خائفون جدا. هناك مرتزقة وغارات جوية وأطفال يتامى". وأضافت "أبنائي يعتريهم الحزن في المنزل. لقد تغيروا، ينامون نهارا ولا ينامون في الليل. كل شيء تغير في حياتي. لم نعد نسمح لهم باللهو خارج المنزل".

وأفاد محمد سعيد، وهو تاجر خضار أن الأمور تسير نحو التحسن. ومع أن البضائع لم تعد تأتي من طرابلس أو مصر أو لبنان، بدأ العمال الليبيون يعملون بدلا من الأجانب في قطف الثمار وجمعها لإمداد السوق. ويعرض هذا تفاحا للبيع مصدره إيطاليا. وهو يقر بأن توريده يعود لأسبوع على الأقل وكذلك فراولة. وقال "يمكن أن نعثر على كل شيء لكن الجودة ليست دائما حاضرة. الآن كل شيء بدأ يعود إلى طبيعته. الليبيون يحلون محل العمالة الأجنبية".

وأصبح المجمع الرياضي في بنغازي الذي كان يرتاده الكثيرون قبل الانتفاضة، مقرا عاما للثوار الذين يقومون بتنظيم "أمن البلدة" منه. وقال المتطوع محمد إن 150 من الثوار يقيمون في المركز. وغطى كل شيء في المركز الغبار وتدهورت حالة شبكات ميادين كرة الطاولة. وتابع محمد أمام ملاعب خالية "ليبيا الآن بلد حر. كل شخص يمكنه أن يأتي هنا ويمارس الرياضة". وكتب على أحد الجدران "ارحلوا يا خاسرون".

وفجاة أطلق ثائر النار محاولا إصابة قارورة وضعت في ملعب قيد الإنجاز. وقال مبتسما ومعتذرا "إنه تمرين على إطلاق النار". وعلى بعد أمتار جلس جندي على أريكة صفراء وضعت في ملعب لكرة القدم يتابع التلفزيون. وغير بعيد منه بدت الجدران وقد اسودت بسبب الحرائق وكذلك حطام سيارات تركت في الشارع.

وفتحت إسلام الفايدي للتو محلا لبيع العطور في المجمع. وبدا المحل أنيقا وكل ما ينقصه هو الزبائن. فقد غادرت الأجنبيات المدينة في حين تقبع الليبيات في منازلهن. وقالت الفايدي إن المجتمع فقد الكثير من المال "ليس فقط بسبب عدم حصول البعض على مرتباتهم، بل أيضا لأن 60 إلى 70% من الزبونات هن من الأجنبيات اللواتي غادرن البلد".