(المدراء) مثل (الأطباء) منهم من يطور نفسه ويواصل علمه فيزداد فهمه ويستفاد من عمله، ومنهم من يبقى على معلومات الطب القديمة والمعرفة الثابتة التي لا تتغير، ويستمر في وصف (الوصفة) المملة المكرورة لكل علة، بحبة ثلاث مرات في اليوم، ومنهم الذي هو مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يمارس الطب الشعبي وأساليبه التقليدية لأنه لا يؤمن بالمعرفة أساسا.
و(التشخيص السليم) لأي مشكلة طبية كانت أو علمية أو اجتماعية أو إدارية هو بداية الحل لهذه المشكلة ولذاك الألم، ومع ذلك فإنَّ كثيرًا من الحالات يهدر فيها الكثير من الوقت والجهد والمال والصحة لعدم دقة وسلامة التشخيص، فتصرف أدوية غير مناسبة، وتستخدم طرق غير مناسبة، وتتبنى خطط غير مناسبة نتيجة لتشخيص عقيم وفهم سقيم.
والعمل الإداري في المؤسسات العامة والخاصة، يتعرض للعديد من الأمراض والمشاكل الإدارية سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى التنفيذ، ويرى علماء الإدارة أن معالجة أي مشكلة إدارية تتطلب قبل كل شيء تحديد جوهر المشكلة أو ما يسمى بـ(العامل الاستراتيجي) لهذه المشكلة لمعرفة أبعادها وأسبابها؛ ولكي يكون القرار حكيما لا بد أن يكون التشخيص سليما.
وإذا كانت المكونات الثلاثة لأي استراتيجية هي (جمع المعلومات، وتحديد الأهداف، وتنفيذ الخطوات) فإن التشخيص الإداري من (وجهة نظري) هو حجر الأساس قبل البدء في أي استراتيجية إدارية، وهو العامل الاستراتيجي وجوهر مكونها الأول. بل إنَّ أغلب الخطط الاستراتيجية (نتيجة لغياب التشخيص الإداري السليم) تعاني الفشل، لأن من يقوم بالتخطيط يشخص الحالة الإدارية بعيدًا عن معاناة الموظف وألم المواطن، لذلك تأتي أغلب الاستراتيجيات بعيدة عن الواقع، لأنها تضع الأهداف من وجهة نظر (المدير/المخطط) فقط.
تتويت:
أي تخطيط إداري لا يبنى على تشخيص سليم يستمع لشكوى الموظف وآلام المواطن أو (العميل)، هو تخطيط يجمع معلوماته (التي هي أول مكوناته) من (ورق) ويبني خططه على (ورق) ولن يتعدى نجاح استراتيجياته حدود (الورق).