على الرغم من قرب انقضاء أسبوع على افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، إلا أن الحديث في جنبات المعرض وفندق الضيوف، عن بعض مضامين كلمة المثقفين التي ألقاها في حفل الافتتاح نيابة عنهم نائب رئيس نادي الشرقية الأدبي السابق الدكتور مبارك الخالدي، ما زال يثير نقاشات عديدة، إذ كان لافتا طرقها لقضايا تعودت ساحتنا المحلية ألا تطرح عادة في الكلمات التي تلقى في مناسبات رسمية، خصوصا أن معظمها كان أسئلة موجهة بشكل مباشر وصريح إلى الجهة المستضيفة وهي وزارة الثقافة والإعلام، بل يعتبر بعضها في عداد "المحرج جدا" للوزارة مثل موضوع السينما ورابطة الكتاب السعوديين.

اختيار الشخصية التي ستلقي الكلمة جاء هو الآخر مفاجئا للكثيرين، فالخالدي الذي اختير لهذه المهمة، كان يصنف ومعه مجلس إدارة أدبي الشرقية المستقيل في خانة "المنتقدين" بشدة لبعض سياسات وكالة الوزارة للشؤون الثقافية تجاه الأندية الأدبية، وهو ما دفع المجلس لأن يستقيل نهاية العام الهجري المنصرم" احتجاجا " - كما أعلن حينها - على عدم تطبيق لائحة انتخابات الأندية بشكل كامل و" اجتزائها" من خلال التعميم على الأندية بتطبيق اللائحتين الإدارية والمالية فقط، في حينها، وهو ما تراجعت عنه الوزارة بعد ذلك.

وهنا يعلق الخالدي قائلا(على الرغم من اللغط الذي أثارته استقالة مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي السابق، لم أستغرب دعوة وزارة الثقافة والإعلام إياي لإلقاء كلمة "أهل الثقافة" في حفل افتتاح المعرض، إذ لا أعتقد أن استقالة المجلس سببت، أو أريد بها، إحداث حالة قطيعة وجفاء بين الوزارة وأعضاء المجلس السابق. إن دعوتي للمشاركة في الحفل وقبولي برهان من بين براهين أخرى على ذلك).

لكن اختيار الخالدي أوقعه في حيرة من أمره، يوضح: (أصدقكم القول لقد اجتاحتني دفقات من الاستغراب بعد قبول الدعوة وشروعي في التفكير فيما سأكتب، وكان منشأ ذلك موافقتي على التحدث بلسان أهل الثقافة، وأبعاده ودلالاته الأخلاقية، أو اللاأخلاقية بالتعبير الصحيح والدقيق. ورحت أتساءل عما إذا كان من سبقوني إلى التحدث في مناسبات مماثلة قد ورطوا أنفسهم في نفس المأزق) .

ولأن (الصديق عند الضيق) ـ كما يقال ـ يكشف الخالدي عن وسيلة مساعدة استخدمها في حصر بعض المطالب الرئيسية للوسط الثقافي في المملكة التي يمكن طرحها في مقام كهذا وأمام الشخص الأول المسؤول عن الفعل الثقافي في المملكة وهو الوزير خوجة (اهتديت إلى فكرة الخروج من هذا المأزق بالاتصال والتشاور مع عدد من أهل الثقافة، وكان في طليعتهم زملائي أعضاء مجلس أدبي الشرقية السابق.... لقد خففت استشارتي للزملاء وغيرهم حدة شعوري بلا أخلاقية تمثيلي لهم، وأضفت عليه غلالة من الشرعية).

لا أنتظر من الوزارة شيئا

ويبدو الخالدي راضيا عن ردود أفعال المثقفين تجاه ما طرحه يقول (يبدو ولله الحمد، أنني وفقت إلى كتابة كلمة حازت إعجاب كثير من أهل الثقافة وقد عبروا لي عن ذلك الإعجاب، وأشادوا بصراحتها وبصدقها وبطرقها قضايا ومسائل ثقافية هامة). أما عن المعني بالكلمة، أي وزارة الثقافة فيختصر موقفها بالقول (لم أتلق أي نوع من التجاوبات من الوزارة، والحقيقة لا أنتظر أي شيء سوى أخذها، ما تضمنته الكلمة من طموحات وهواجس وهموم على محمل الجد والعمل... لكن وهذا لن يحدث على الفور، علينا أن ننتظر، انتظارا مقرونا بحسن الظن في الوزارة، وأن نستمر في طرح وإثارة تلك القضايا لتذكيرها بها).

ولم ينس نائب رئيس أدبي الشرقية السابق توجيه التحية لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة، ومساعد وزير الثقافة والإعلام الأمير تركي بن سلطان، و وكيل الوزارة الدكتور عبدالله الجاسر وذلك (على تشريفي وتكليفي بإلقاء الكلمة).

وكانت أبرز الموضوعات التي أثارها الخالدي "دعوة الجهات ذات العلاقة إلى دعم تأسيس رابطة الأدباء، وإنشاء صندوق للأدباء وتمويله من المؤسسات الحكومية والأهلية، والعمل على تفريغ الأدباء والمثقفين والفنانين لإنتاج أعمالهم ووضع تنظيم بإشراف وزارة الثقافة والإعلام، وتفعيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب، والعمل على إنشاء جوائز ثقافية وإبداعية، والتأكيد على كافة الجهات الحكومية بالعمل على تطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على تنظيم المشاركات، ومنها المؤتمرات الثقافية في الداخل والخارج والسماح للموظفين بحضورها.

ثم وصل إلى المطلب المثير للجدل دائما وذلك عندما قال (أهل الثقافة والسينمائيون السعوديون يعتبرون أنفسهم بدون المشهد الثقافي السعودي، حيث إن الأندية الأدبية ترفض استقبالهم، والمدن تتجاهل أبناءها السينمائيين وتجبرهم على الترحال إلى مدن عربية وعالمية. وتساءل: لماذا لا تعرض أفلام السينمائيين السعوديين في المهرجانات المحلية؟ وما سر توقف عدد من المهرجانات السينمائية في عدد من المدن، كمهرجان الأفلام في جدة؟) ولم ينس المسرحيين حين قال (إن المسرحيين يقولون إن غيابَ ما يطلِقُون عليه اسمَ البنيةِ التحتيةِ المسرحية، وضآلة الدعم ِ المادي والمعنوي، كلُّها عواملٌ تجعلُ المسرحَ المحلي يراوحُ مكانه).