أكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن المناصحة هي الطريق الصحيح لإيصال الأفكار إلى الآخرين، وقال مخاطبا الشباب في محاضرة أمس بجامع أبي بكر الصديق بحي النسيم شرق الرياض "إن طلب الأمن مقدم على طلب الغذاء، لأن الخائف لا يتلذذ بالغذاء، ولا يهنأ بالنوم، ولا يطمئن في مكان" وتابع "إن المظاهرات لا تأتي بخير" واصفا من يدعون إليها بأنهم يريدون التخريب.
وحذرت وزارة الداخلية من أي محاولة للإخلال بأمن البلاد أو محاولة تشويهه موضحة في بيان صدر أمس أن الأنظمة المعمول بها في المملكة تمنع كافة أنواع المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والدعوة لها وذلك لتعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم وأعراف المجتمع السعودي ولما يترتب عليها من إخلال بالنظام العام وإضرار بالمصالح العامة والخاصة والتعدي على حقوق الآخرين وما ينشأ عن ذلك من إشاعة الفوضى التي تؤدي إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال والتعرض للممتلكات العامة والخاصة.
من جانبه قال المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الدكتور الشيخ عبدالله المنيع لـ"الوطن": ما تلك المظاهرات إلا غوغائية، ولم تنفع في بعض البيئات التي حكمها غير منتظم وعليه ملاحظات الاستبداد والدكتاتورية، فإنها لا تنفع في مجتمعات ولايتها متجاوبة مع شعوبها.
"لا تأتي بخير"
وطالب مفتي عام المملكة الشباب بالهدوء والسكينة، محذرا إياهم من المخالفات الشرعية التي تنتج عن التجمع والتظاهر من تكسير واعتداء على الممتلكات، وفي بعض الأحيان يحصل اعتداء على الأعراض، وقال "إن المظاهرات لا تأتي بخير"، واصفا من يدعون إليها بأنهم يريدون التخريب، مؤكداً أن المناصحة هي الطريق الصحيح لإيصال الأفكار إلى الآخرين.
وقال "إن سياسة الأبواب المفتوحة التي تطبق في المملكة هي ما يميز الحاكم والمحكوم في هذه البلاد".
وأكد أن طلب الأمن مقدم على طلب الغذاء، ولهذا لما دعا خليل الله إبراهيم عليه السلام لمكة المشرفة قال "رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات"، فالأمن مطلب ضروري لكل بشر.
وأضاف "كانت جزيرة العرب في الماضي مسرحاً للفتن والاضطرابات والنهب والسلب والحروب، فلما جاء هذا الدين ودخلوا فيه تحولوا إلى مجتمع مثالي، يسوده الأمن، ويحكمه الوحي وتوجهه العقيدة السليمة، تحولت فيه العداوة إلى محبة، والقطيعة إلى أخوة، والشح إلى أثرة، والأثرة إلى إيثار ومواساة، كما قال تعالى مذكراً عباده بهذه النعمة "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء، فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا"، وقال تعالى "واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون".
أمن البلاد
ووصف المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الدكتور الشيخ عبدالله المنيع البيان الصادر عن وزارة الداخلية أمس بأنه يخدم المجتمع ويحافظ على سلامته، وقال في اتصال هاتفي لـ"الوطن": القرار يأتي للعناية بأمن البلاد واستقرارها والحفاظ على كل ما يتعلق بحقوق المجتمع" وتابع "ولا شك أن هذا مما تقتضيه المقاصد الشرعية في إبعاد الأمة عن كل ما من شأنه أن يؤثر عليهم في حركاتهم وفي سكناتهم وأمنهم واستقرارهم، سواء أكان ذلك في منازلهم أو خارجها".
وأضاف "والتعبير بالنصيحة لولي الأمر لا يجوز أن يشتمل على ما يشوبها من أسباب رفضها ومن أسباب اشتمالها على ما يسوء البلاد وأهلها".
وعن البيان قال "إن مثل هذا البيان مما تقتضيه السيادة والولاية، وقد رأينا أن آثار تلك المظاهرات قد أثرت تأثيرا بالغاً على انتهاك الحقوق والاعتداءات المختلفة، فجزى الله ولاة الأمر خيرا على هذا القرار الذي يخدم المجتمع بكل فئاته".
وشدد المنيع على أن الذين يطالبون بالمظاهرات وإن كانوا يرون أنهم يعبرون عن إرادة شعبية فليس التعبير عن الإرادة الشعبية يشتمل على ما يضر الناس بل يجب أن يكون مبنيا على النصح وأن يكون ذلك بالحكمة والأخذ بأفضل وأحسن أسلوب عرضا وتقديماً".
وأكد المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء "أن ما تلك المظاهرات إلا غوغائية، ولم تنفع في بعض البيئات التي حكمها غير منتظم وعليه ملاحظات الاستبداد والدكتاتورية فإنها لا تنفع في مجتمعات ولايتها متجاوبة مع شعوبها".
منع التظاهرات
وأصدرت وزارة الداخلية أمس بيانا فيما يلي نصه:
"بناءً على ما لوحظ من محاولة البعض للالتفاف على الأنظمة والتعليمات والإجراءات ذات العلاقة بها لتحقيق غايات غير مشروعة وتأكيداً لما سبق الإعلان عنه بتاريخ 2-1-1430، أوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركى، أن الأنظمة المعمول بها في المملكة تمنع منعاً باتاً كافة أنواع المظاهرات والمسيرات والاعتصامات والدعوة لها وذلك لتعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم وأعراف المجتمع السعودي ولما يترتب عليها من إخلال بالنظام العام وإضرار بالمصالح العامة والخاصة والتعدي على حقوق الآخرين وما ينشأ عن ذلك من إشاعة الفوضى التي تؤدي إلى سفك الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال والتعرض للممتلكات العامة والخاصة.
وأكد المتحدث الأمني أنه وفي الوقت الذي ضمنت فيه الأنظمة والقيم السائدة في مجتمعنا المحكوم بشرع الله وسنة رسوله وسائل مشروعة للتعبير وأبواباً مفتوحة تكفل التواصل على كافة المستويات في كل ما من شأنه تحقيق الصالح العام، فإن قوات الأمن مخولة نظاماً باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بشأن كل من يحاول الإخلال بالنظام بأية صورة كانت وتطبيق الأنظمة بحقه".
ابن باز: المكاتبة والنصيحة طريق الإصلاح
الشيخ عبدالعزيز بن باز
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز "رحمه الله": هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً؟
الجواب: لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج ولكني أرى أنها من أسباب الفتن ومن أسباب الشرور ومن أسباب ظلم بعض الناس والتعدي على بعض الناس بغير حق ولكن الأسباب الشرعية، المكاتبة، والنصيحة، والدعوة إلى الخير بالطرق السليمة .. الطرق التي سلكها أهل العلم وسلكها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان بالمكاتبة والمشافهة مع الأمير ومع السلطان والاتصال به ومناصحته والمكاتبة له دون التشهير في المنابر وغيرها بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان.
وقال أيضاً ـ رحمه الله ـ : والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبولـه أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شراً عظيماً على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق الصحيح للإصلاح والدعوة فالطـــريق الصحيح ، بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن.
ابن عثيمين: هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة ولا الإصلاح بصلة
الشيخ محمد بن عثيمين
سئل سماحة الشيخ العلامة الإمام محمد بن صالح بن عثيمين "رحمه الله": ما مدى شرعية ما يسمّونه بالاعتصام في المساجد وهم ـ كما يزعمون ـ يعتمدون على فتوى لكم في أحوال الجزائر سابقاً أنَّها تجوز إن لم يكن فيها شغب ولا معارضة بسلاح أو شِبهِه، فما الحكم في نظركم؟ وما توجيهكم لنا؟
الجواب: أمَّا أنا، فما أكثر ما يُكْذَب علي! وأسأل الله أن يهدي من كذب عليَّ وألاّ يعود لمثلها.. والعجبُ من قوم يفعلون هذا ولم يتفطَّنوا لما حصل في البلاد الأخرى التي سار شبابها على مثل هذا المنوال! ماذا حصل؟ هل أنتجوا شيئاً؟
بالأمس تقول إذاعة لندن: إن الذين قُتلوا من الجزائريين في خلال ثلاث سنوات بلغوا أربعين ألفاً! أربعون ألفاً!! عدد كبير خسرهم المسلمون من أجل إحداث مثل هذه الفوضى!.
والنار ـ كما تعلمون ـ أوّلها شرارة ثم تكون جحيماً؛ لأن الناس إذا كره بعضُهم بعضاً وكرهوا ولاة أمورهم حملوا السلاح ما الذي يمنعهم؟ فيحصل الشرّ والفوضى.. وقد أمر النبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ من رأى من أميره شيئا يكرهه أن يصبر، وقال: "من مات على غير إمام مات ميتة جاهلية" الواجب علينا أن ننصح بقدر المستطاع، أما أن نُظْهر المبارزة والاحتجاجات عَلَناً فهذا خلاف هَدي السلف، وقد علمتم الآن أن هذه الأمور لا تَمُتّ إلى الشريعة بصلة ولا إلى الإصلاح بصلة.
ما هي إلا مضرّة...، الخليفة المأمون قَتل مِن العلماء الذين لم يقولوا بقوله في خَلْق القرآن، قتل جمعاً من العلماء وأجبر الناسَ على أن يقولوا بهذا القول الباطل، ما سمعنا عن الإمام أحمد وغيره من الأئمة أن أحداً منهم اعتصم في أي مسجد أبداً، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرون معايبه من أجل أن يَحمل الناسُ عليه الحقد والبغضاء والكراهية...
ولا نؤيِّد المظاهرات أو الاعتصامات أو ما أشبه ذلك، لا نؤيِّدها إطلاقاً، ويمكن الإصلاح بدونها، لكن لا بدّ أن هناك أصابع خفيّة داخلية أو خارجية تحاول بثّ مثل هذه الأمور.
الفوزان: لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن في الإسلام
الشيخ الدكتور صالح الفوزان
سئل الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان: هل من وسائل الدعوة القيام بالمظاهرات لحل مشاكل الأمة الإسلامية؟
الجواب : ديننا ليس دين فوضى .. ديننا دين انضباط ودين نظام وهدوء وسكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء ورحمة ودين انضباط لا فوضى ولا تشويش ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام والحقوق يتوصل إليها بالمطالبة الشرعية والطرق الشرعية والمظاهرات تحدث سفك دماء وتحدث تخريب أموال .. فلا تجوز هذه الأمور.
ابن غصون: لو اجتمع أهل بلد على كلمة واحدة لكانت لهم هيبة
سئل فضيلة الشيخ العلامة صالح بن علي بن غصون "رحمه الله": في السنتين الماضيتين نسمع بعض الدعاة يدندن حول مسألة وسائل الدعوة وإنكار المنكر ويدخلون فيها المظاهرات، والاغتيالات ، والمسيرات وربما أدخلها بعضهم في باب الجهاد الإسلامي .. نرجو بيان ما إذا كانت هذه الأمور من الوسائل الشرعية أم تدخل في نطاق البدع المذمومة والوسائل الممنوعة ؟
الجواب : الحمد لله : معروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والإرشاد من أصل دين الله عز وجل ، ولكن الله جل وعلا قال في محكم كتابه العزيز: ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) .. فالداعي إلى الله عز وجل والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليه أن يتحلى بالصبر وعليه أن يحتسب الأجر والثواب، وعليه أيضاً أن يتحمل ما قد يسمع أو ما قد يناله في سبيل دعوته ، وأما أن الإنسان يسلك مسلك العنف أو أن يسلك مسلك ـ والعياذ بالله ـ أذى الناس أو مسلك التشويش أو مسلك الخلافات والنزاعات وتفريق الكلمة ، فهذه أمور شيطانية وهي أصل دعوة الخوارج ، هم الذين ينكرون المنكر بالسلاح وينكرون الأمور التي لا يرونها وتخالف معتقداتهم بالقتال وبسفك الدماء وبتكفير الناس وما إلى ذلك من أمور.
والأولى للذين يدعون إلى هذه الأمور يُجانبون ويُبعد عنهم ويساء بهم الظن ، هؤلاء فرقوا كلمة المسلمين، الجماعة رحمة والفرقة نقمة وعذاب والعياذ بالله ، ولو اجتمع أهل بلد واحد على الخير واجتمعوا على كلمة واحدة لكان لهم مكانة وكانت لهم هيبة.