فاطمة بنت قيس، رضي الله عنها، هي امرأة يتردد اسمها كثيراً في الفقه، ولا أظن أن هناك طالب فقه لم يتعجب من حالها، وخصوصاً في خلافها الشهير فقهياً مع عمر رضي الله عنه، فقد قالت لمن سألها عن نفقة المرأة المطلقة البائن بأن زوجها طلقها البتة، فخاصمته إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في السكنى والنفقة، فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة.

في الحقيقة، إن ما قالته خالف في العموم النص كما أنه في باطنه ـ لو ثبت ـ حرمان للمرأة المطلقة البائن من بيت يؤيها ونفقة حتى تنتهي عدتها؛ مما أزعج عمر، رضي الله عنه، ورد رداً حاسماً بقوله: "لا نترك كتاب الله وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت".

في رد عمر، رضي الله عنه، أكثر من رحمة بالنساء، وبخاصة أنه لم يخصص ما قالته بحالتها، ولكنه العدل الذي عُرف به.

والعدل موجود في النصوص، سواء كانت قرآنية أو من السنّة الصحيحة, والتي نتفق أنها تمثل الإسلام.

فمن أين يأتي الظلم الذي تشعر به المرأة في التقاضي؟ وتجدها تتجه نحوك لتحكي قصة انتهاك إنسانيتها، ثم تختمها بقولها: أخبرني من ينصفني؟

في الحقيقة، إن كثيراً من النساء يدهشهن ما نالته المرأة في الغرب، وخصوصاً عند المطالبة برعاية الأطفال، بل وصل الأمر إلى مناصفة الزوج ثروته بمبرر كونها وفرت له الاستقرار الذي مكنه من النجاح.

إن مطالبنا نحن النساء موجهة للرجال المطبقين لهذه الشريعة العظيمة، والذين تشكل آراؤهم وما يصدرونه من حكم دفة قيادة نحو السعادة والعدل، وقد تكون نحو الألم والشعور بالظلم.

إننا نريد أن يُوفّر للقضاء الذي سيحدد مسار هذه الحياة قاضٍ لا يشغله إلا مواضيع المرأة، وهذا ما لا يحدث مع تنوع القضايا التي يحكم فيها القاضي في يوم عمله، فقد تقف أمامه امرأة قاتلة أو أخرى تمتهن البغاء، ثم تليها أم أُخذ منها أطفالها!

كما أن الفقه الإسلامي ممتلئ بالتنوع والأبواب والفروع، وكذلك قضايا الناس، والعالم يجنح نحو التخصص، فلِمَ لا يتم إنشاء محكمة للأسرة يوضع فيها قضاة مهتمون بفقه المرأة والأسرة ومطلعون على واقعها؟ ألا يساعد ذلك على ظهور الاحترافية في عملهم؛ ومن ثَم نتوقع أحكاماً عادلة أكثر، وتناولاً أسرع للقضايا بسبب تفرغ القضاة؟

لا أشك مطلقاً في أن القاضي يمر باختبارات عدة قبل أن يصبح قاضياً، لكن عند إنشاء محاكم الأسرة نحتاج لوضع معايير أكثر دقة، فلا أظنكم تجهلون أن هناك من الرجال من لديه - لشيء ما- عداء تجاه المرأة؛ فمن كان هكذا لا نريده أن يحكم في قضايا المرأة والأسرة.

ببساطة أقول: حتى يتحقق العدل الذي يتضمنه النص نحتاج لآلية موحدة ومتطورة في نظام التقاضي في المملكة، هذا ما نريده الآن فقط.