خلال العقدين الأخيرين، كانت النظم السياسية في بلدان العالم تلمس تغيرات كبيرة، من أجل ترسيخ سيادة القانون وبناء مؤسسات مدنية قابلة للحياة وتهيئة بيئات مناسبة لتحقيق الحرية المدنية والتعددية السياسية. إلى جانب ذلك، ضيقت التطورات التكنولوجية المسافات بين تلك المجتمعات وسهلت طرق تعايشهم وتواصلهم، فاتسع الاتصال بين أجزاء العالم بفضل الحوسبة وتقنية المعلومات. هذا هو أهم توجه في العالم اليوم، فمنذ بروز نجم الإنترنت ارتفع عدد سكان عالم الشبكة الإلكترونية من بضعة ملايين إلي نحو ملياري مستخدم بنهاية 2010 (ربعهم في الصين). وخلال هذه المدة بات الإنترنت أحد أهم جوانب التأثير في النظم السياسية، وأصبح الحراك الرقمي من أهم الأسلحة. ومع تفهم التغيرات الاجتماعية والمبادئ العامة للاتصالات عمد العديد من الدول إلى تأصيل ما يسمى بالديمقراطية الإنترنتية أمثال الولايات المتحدة الأميركية. وسعى بعض المرشحين لرئاسة أميركا إلى الاعتماد على حملات الإنترنت للترشيح. وكذلك في بريطانيا جذبت عريضة "داوننج ستريت" المصوتين إلكترونيا ووقع عليها ما يقرب من مليوني شخص لإلغاء ضرائب الزحام والطرق. ومن الأمثلة أيضا في الفلبين حيث تمكن السكان من عزل رئيسهم 2001 عن طريق الرسائل النصية، وأيضا دفع النت إلى إحداث تغييرات في بيلاروسيا عام 2006 وفي إيران 2009 وتايلاند في 2010 ومصر وتونس 2011. الواقع يقول ويثبت إمكانية استخدام الشبكات الاجتماعية لتحقيق أهداف سياسية، والأكثر واقعية أن النت والجوالات ستكون جزءا لا يتجزأ من صناعة المستقبل. لذا صار ملحا على الحكومات التفكير في هذا التوجه العالمي كآلية طويلة الأجل لتحقيق الأهداف.


ibraheemalameer@