لم يكتف "الشبيح" فايز شكر أمين عام حزب البعث السوري في لبنان بالكلمات التي كانت تتدلى من فمه كقنابل عنقودية، يقصف بها كل أسباب الرفض لما يحدث في سورية من قتل وتعذيب، ولم يقف عند حدود تدبيج عبارات الإعجاب بـ "الأسد" الذي حفظ للأمة عزتها وكرامتها، لأنّه "الممانع" الوحيد، في عصر ازدحام الخونة على موائد السلام ـ كما يتوهم ـ وإنما سار على طريقة أسياده في تأديب "العصابات" واستخدم العنف على الهواء مباشرة، لزجر النائب السابق، وعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل "المندس" مصطفى علوش، وإيقاف تعديه على "الأسد"، لأنه قال بكل بساطة: "أنا مابصدق بشار الأسد".

الشجار اللفظي بين النائبين تحول إلى معركة مباشرة، عندما وصف علوش الرئيس السوري بشار الأسد بأنه كاذب، عبر برنامج "بموضوعية"، الذي بثته قناة "إ م تي في" اللبنانية، لتتطاير الأوراق، والكؤوس، ويكون كرسي علوش أداة للدفاع، بعد أن ترك "شكر" مقعده، واتجه إلى "غريمه" اللدود، على الطرف الآخر من الطاولة، ليبطش به، لأنه غير ممانع، ولأنه لا يصدق رجل الممانعة، ورأس حربة العرب الموجهة إلى صدر أو "قفا" إسرائيل، على الرغم من أن الأمر لا يعدو "أبشر بطول سلامة يا مربع"، وذلك ما تقوله أربعة عقود من الممانعة أو المُطاوعة.

إن ماحدث على الهواء مباشرة، ليس إلا صورة تلفزيونية للشارع اللبناني المنقسم على نفسه، بين: مؤيدي حزب البعث المتغلغل في لبنان بـ "حزب الله"، وأحزاب الانتفاع، ومعارضيه الذين سئموا التبعية عبر عقود طويلة، وملوا من النفوذ السوري في وطنهم، حتى صار ذلك النفوذ سببا رئيساً في الانقسامات كلها.

الملفت فيما حدث، أن كل طرف تصرف كما يتصرف حزبه، فلم يقبل "شكر" نقد "البعث"، ولم يحتمل "علوش" السكوت، وكأنهما ـ أيضا ـ يقدمان صورة تلفزيونية للشارع السوري المنقسم في الظاهر، بين: مؤيدي "البعث" غصباً، ومعارضيه غبناً.