كشف مدير مكتبة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة عبيد العبيد توجه إدارة المكتبة لنقل وتحويل جميع الكتب والمجلدات الورقية التي تحتويها والتي تبلغ 5889 من الأصول والمجاميع والصور النادرة، إضافةً للكتب الحديثة إلى كتب إلكترونية، كي تفسح المجال للباحثين للاطلاع من خلال الأجهزة الرقمية المتوفرة بالقسم الرقمي بالمكتب على محتويات المكتبة العلمية والتاريخية القديمة، إضافةً لفهارس الكتب التي تحتفظ بها المكتبة. وسوف يتيح ذلك فرصة التصفح عن بعد من خلال الموقع الإلكتروني للمكتبة ضمن نطاق الشبكة العنكبوتية.

وذهب العبيد إلى أنه تم حتى الآن حفظ ما يزيد عن نسبة 80% من كتب المكتبة من أصل 113 ألف كتاب، في نظام أرشيف الحاسب الآلي، كما أكد أن المكتبة التي تقع في الجانب الشمالي الغربي من المسجد قد استعادت هيبة نشأتها في العهد السعودي، ولا سيما بعد حادثة الحريق الذي كان قد وقع قبل ما يزيد عن 500 عام، وخسرت على إثره المكتبة جملة من خزائنها الثمينة والتي من بينها مخطوطات لعدد من المصاحف وعدد من الكتب النفيسة.

وأشار إلى أن مكتبة المسجد النبوي هي مكتبة مستقلة بوكالة عن مكتبة الحرم المكي، وتتبع لوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، موضحاً أن لكل مكتبة موروثاتها الخاصة من المخطوطات القديمة والنادرة، مستشهداً بما تضمه المكتبة من محتويات تزيد على 5889 من الأصول والمجاميع والصور النادرة، إضافةً للكتب الحديثة.

حريق ذهب بخزائنها

وعن تاريخ نشأة المكتبة قال العبيد إنه كان هناك ما يعرف بمكتبة المسجد النبوي الشريف، مشيرا إلى أن المكتبة ووفق لما ذكره صاحب كتاب (خزائن الكتب العربية)، كانت في أول نشأتها عندما احترقت بعض خزائن المصاحف والكتب التي كان يضمها المسجد النبوي، وذلك عندما وقع الحريق المشهور بالمسجد، في 13 رمضان عام 886 ، وكانت تضم هذه الخزائن مصاحف عظيمة وكتباً نفيسة.

في العهد السعودي

لم تقف عزائم احتواء موروثات الكتب القديمة واقتناء أثرها النافع، عند تلك الحادثة، ففي العهد السعودي عادت المكتبة لتتأسس من جديد في عام 1352، وذلك باقتراح من السيد عبيد مدني، حينما كان مديراً لإدارة الأوقاف بالمدينة المنورة، الذي خلف أول مدير لها السيد أحمد ياسين الخياري. وبين العبيد أن بالمكتبة بعض الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل إنشاء المكتبة، مثل مكتبة الشيخ محمد العزيز الوزير، والتي أوقفت عام 1320وهي من الكتب التي أدخلت في المكتبة بعد تأسيسها، وأضاف أنه ضم إلى المكتبة كتب كانت في الروضة الشريفة، اشتمل بعضها على تواريخ متقدمة عن تاريخ تأسيس المكتبة.

تنوع في الأقسام

وتشتمل المكتبة على أقسام متعددة ومتنوعة بذاتها، ويأتي في طليعة تلك الأقسام قسم المطالعة الذي يقع على مساحة 744مترا مربعا وبشكل مسطح، في الركن الشمالي الغربي من سطح المسجد النبوي الشريف، من مدخل السلم الكهربائي رقم 10، وهو أهم الأقسام التي يقصدها سنوياً ما لا يقل عن 340 ألف زائر من الباحثين من طلاب العلم أو قاصدي المعرفة، بهدف البحث والاطلاع على محتويات المكتبة. ويوجد داخل القاعة قسم خاص بالمكتبة الرقمية المرتبطة بشبكـة الحاسب الآلي بالمسجد النبوي من خلال أجهزة حاسوبية، بها جميـع الكتب والمخطوطات والصوتيـات الرقمية والتي تستخدم من قبل الباحثين، للوصول إلى المعلومة بسهولة، بالإضافة لاحتواء القسـم على جزء خاص بالكتب النادرة، كما أن قسم المطالعة يشتمل على قسم خاص بمطالعة النساء، وذلك في خمس قاعات، ثلاث منهـا في مصلى النساء الشرقي بباب عثمـان بن عفان رقم 24، واثنتـان منهـا في المصلى الغربي من باب عمـر بن الخطاب رقم 16، حيث تم افتتاحها في الأول من جمادى الأولى من عام 1416 من الهجـرة الشريفة.

وهناك قسم المجموعات الخاصة ويقع في الدور الأول والثاني من باب عثمان بن عفان رضي الله عنه داخل المسجد النبوي، من نهاية التوسعة السعودية الأولى، ويشتمل على خزانة تضم المخطوطات الأصلية من الكتب والمصاحف، ومصورات ورقية وميكروفيلمية ورقمية.

وتتضمن المكتبة كذلك قسما خاصا بالصوتيات ، يقع من باب 17 من الجهة الشمالية من المسجد النبوي الشريف، ويعمل على حفظ ما يلقى من التلاوات والدروس والخطب وجميع الصلوات من الحرمين الشريفين، حيث يبلغ ما تحتويه المكتبة أكثر من مئة ألف ساعة صوتية مسجلة على أشرطة كاسيت وأسطوانات مدمجة ووسائط متعددة , إضافة إلى الأقسام الملحقة بالمكتبة وتعتبر بمثابة الأقسام التكميلية للدور الرئيسي في الأقسام الثلاثة السابقة، والتي تنحصر في القسم الفني لتجليد وترميم وتعقيم المخطوطات والكتب، وقسم الفهرسة والتصنيف والتزويد، وهو القسم المخصص لفهرسة وتصنيف الكتب في برامج الحاسب الآلي، والعمل على تزويد المكتبة بشراء كل ما هو جديد من الكتب، أو إحضار الكتب الموقوفة على المكتبة ممن وهب ثروته المكتبية للمكتبة في حياته و عملاً بوصيته بعد مماته, إلى جانب قسمين آخرين هما الحاسب الآلي والبحث والترجمة.

المشاركات ودراسة الاحتياج

يقول العبيد " تساهم المكتبة وبشكل فعال بالمشاركة وبشكل رئيسي في المعارض الكتابية التي تقام بمختلف مناطق المملكة"، مشيراً في الوقت نفسه لما لتلك المشاركات من فائدة ترجى من خلالها اقتناء الكتب الجديدة والنافعة لصالح المكتبة ، إضافةً للعمل على تزويد المكتبة بالكتب التي سبق أن بحثها عدد من الزائرين ولم تكن متوفرة في ذلك الوقت، مضيفاً إلى أن الجامعات المحلية ودور النشر محلياً وخارجياً، تعتبر من أهم المراجع أو المراكز التي يتم الاعتماد عليها في إثراء المكتبة بكل ما هو جديد.

استقلالية وتبعية

تعتبر المكتبة بالمسجد النبوي الشريف مستقلة بوكالة عن مكتبة الحرم المكي، وهي تابعة لوكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، حيث أوضح العبيد أن كل مكتبة تعتبر مستقلة بذاتها، وأن لكل مكتبة موروثاتها الخاصة من المخطوطات القديمة والنادرة، واستشهد في ذلك بأن المكتبة تضم ما يزيد على 5889 من الأصول والمجاميع والصور النادرة، إضافةً للكتب الحديثة، التي تزود بها المكتبة، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أن الباحث أو الزائر لمكتبة الحرم المكي، قد لا يجد من خلال بحثه جميع المعلومات أو الكتب التي توجد في مكتبة المسجد النبوي، وكذلك العكس، مبيناً التوجيهات الحثيثة من معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، نحو تحفيز العمل الجماعي والهادف تجاه توحيد جميع الموروثات الخاصة بالحرمين في مقر المكتبتين، لتكونا في نهاية المطاف مرجعين أساسيين لهما طابع موحد.

أرشفة إلكترونية

وأشار العبيد إلى أن إدارة المكتبة قد جندت طاقاتها تجاه العمل نحو نقل وحفظ جميع الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية، بحيث يمكن للزائر من خارج موقع المكتبة وعبر الموقع الإلكتروني على شبكة الإنترنت البحث والاطلاع على جزئيات مقتبسة من الكتاب أو المعلومة التي يبحث عنها، إضافةً لفهارس الكتب المتوفرة بالمكتبة، مشيراً إلى أنه، ومن منطلق المحافظة على حفظ جميع الحقوق الخاصة بالنشر والمكتبة، وبحيث إذا ما أراد المتصفح التزويد بالجزء الذي يريده من الكتاب يتم ذلك عبر المراسلة الإلكترونية من خلال الموقع، وأضاف أنه ومواكبةً لتقنيات العصر الحاضر، فقد تم حتى الآن حفظ ما يزيد عن نسبة 80% من كتب المكتبة من أصل 113 ألف كتاب، في نظام أرشيف الحاسب الآلي، ليكون ذلك العمل بمثابة المواكبة الحديثة للباحث أو زائر الموقع الإلكتروني، "ونتطلع حالياً إلى زيادة التوسعة في قسم المكتبة الرقمية، وذلك بإضافة عدد أجهزة الحاسب الآلي، وتوسعة الموقع الخاص بالقسم، ليتسع لأكبر عدد ممكن".

نهضة المستقبل

وفق المخططات المستقبلية للمكتبة، يتم الإعداد لدراسة كيفية توسعة المقر الحالي، الذي سبق أن دشن برعاية كريمة من أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد، وذلك قبل خمس سنوات، خلال إحدى زياراته التفقدية للمسجد النبوي.

وبين العبيد أن المقر الحالي يعد متميزاً لمرتادي المسجد النبوي الشريف، كونه يقع داخل المسجد من جانب السطح العلوي، وتحديداً في الجانب الشمالي الغربي من المسجد، لما في ذلك من توافق مع هدي المصطفى الكريم عليه الصلاة والسلام، من أن طالب العلم ولاسيما في مسجده عليه السلام، يعد بمنزله المجاهد في سبيل الله، هذا بالإضافة- والحديث للعبيد- إلى أن المكوث في المسجد بانتظار الصلاة إلى الصـلاة يعد هو الآخر بمنزلة الرباط.

وزاد العبيد " من توجهات المكتبة العمل على إنشاء قسم خاص للأطفال، يمكنهم من قضاء وقتهم في كل ما هو نافع، دون اللهو أو إشغال آبائهم أو أمهاتهم عن أداء عباداتهم بكل طمأنينة".