لليوم الثاني وبطريقة منظمة، اعترض متشددون صحفيين وزائرات ودور نشر عربية. وخلافا لما اتبعوه أول من أمس، اتجه من يصفون أنفسهم بـ"محتسبين" إلى خفض أصواتهم لضمان عدم ملاحظتهم من رجال الأمن.

واتبع المتشددون تكتيكا مختلفا، بتوزعهم في جماعات تنتشر في نفس الوقت على أجنحة المعرض، وتربطهم لغة الأعين. وكان حضورهم لافتا رغم التواجد المكثف من رجال هيئة الأمر بالمعروف. ولاحق بعضهم عددا من النساء في المعرض، بعبارات صارمة.

وأكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن المعرض سيستمر دون مشاكل معتبرا أنه واجهة حضارية للمملكة. وقال "الجميع له آراء ومطالبات والكل يرى أنها سليمة ولكن في الأخير نحن ندرسها ونرى مدى فائدة تطبيقها على الوطن والمواطن من عدمها".

في جانب آخر أعلن الروائي السعودي عبده خال مقاطعته للمعرض، مرجعاً ذلك إلى أن إدارته تمارس سياسة الحجب.




اتسمت طريقة "المحتسبين" خلال اليوم الثاني لمعرض الرياض الدولي للكتاب بالحذر، وكانوا أكثر تنظيما في تمرير تصرفاتهم، حيث تهجمت مجموعة من "المحتسبين" على صحفيين وزائرات ودور نشر عربية ، ولكن بأصوات غير مرتفعة هذه المرة، وسط ارتفاع صيحات بعض النساء اللاتي تم اعتراضهن.

وتهجم ثلاثة "محتسبين" على أحد أعضاء اللجنة الإعلامية المكلفة بتغطية معرض الرياض الدولي للكتاب وقال أحدهم له "إن ما نشر بالصحف عما جرى أول من أمس سوف نخرجه من عينك"، وصادف الحديث مرور رجال الأمن وسماعهم للحديث حيث اقتادوا المحتسبين الثلاثة إلى مركز الشرطة بالمعرض.

وشكل المتشددون جماعات مفرقة تربطهم لغة الأعين، وقام أحدهم بالتهجم بصوت خافت على الأخصائي النفسي عبدالرحمن محمد الهزاع الذي كان يطلع على كتاب "الخطيئة والتكفير" للدكتور عبدالله الغذامي والذي دفع المتشدد لمناصحة الهزاع بترك الكتاب وعدم شرائه، واصفين الغذامي بأنه "علماني"، الأمر الذي دعا الهزاع للرد بقوله "جزاك الله خيراً، دعني" الأمر الذي أثار حفيظة المتشدد قائلا له بصوت هامس "أنت منحرف".

وقام المتشددون بالسير خلف عدد من النساء بالمعرض ومضايقتهن بالنصح تارة وإطلاق عبارات حادة تارة أخرى.

وقالت الزائرة في حديثها إلى "الوطن" بعد الحادثة "إن هؤلاء كانوا يسيرون خلفي لمدة طويلة ويلحون علي بالنصح ويتلفظون بعبارات حادة وإهانة وتلميح على أن كل امرأة منقبة أو مرتدية لعباءة على الكتف تعتبر "غير محتشمة".

واستنكرت الزائرة (التي فضلت عدم ذكر اسمها)، عدم قيام رجال الأمن بالقبض على المحتسبين بعد أن تقدمت بشكوى حيث طلب منها رجال الأمن - حسب قولها - اقتياده إلى المركز وقالت "أنا امرأة كيف أقتاد متشدد".

وقامت مجموعة أخرى بتهديد صاحب دار الثقافة والفن الإيراني بإغلاق محله ما لم يستجب لمطالبهم وهي "إخراج زوجته الخطاطة من الدار لتجلس في المكان المخصص للنساء"، وقال صاحب الدار "هؤلاء يضغطون علينا بشكلٍ مريب، وإنه سوف يجبر زوجته على ارتداء العباءة في الغد (اليوم) لتحاشي هؤلاء".

وقامت مجموعة أخرى بالوقوف أمام المركز الإعلامي النسائي بالمعرض والتلفظ على إحدى الإعلاميات بالنصح وعبارات حادة والذي رفضته الإعلامية وردت بقولها "لا أسمح لك بالكلام معي" الأمر الذي أدى إلى تدخل عدد من الإعلاميين والدخول في مشادة مع المتشددين كادت تصل لمد الأيدي لولا تدخل بعض المارة.

وشهد المعرض أمس حضورا مكثفا جداً من قبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجال الأمن، إلا أن ذلك لم يمنع حضور المتشددين الذين وصل عددهم بحسب رصد "الوطن" ما يقارب 20 إلى 30 محتسبا مفرقين على هيئة جماعات قليلة الأفراد.