ظل يحلم ويحلم ويحلم ثم صحا على كابوس.. تماماً كمن صام وصام وصام ولكن عزَّت عليه التمرةُ في وجود البصلة!

سنوات وسنوات وهو يحفظ بذرته خارج عوامل التعرية.. يُسكِنها قلبَ المعنى ويغذيها بتراويح الروح، يُراقصها كـ(بنت خيالٍ) لَوَّحت له بمناديل الشعر، ودفء الموقف الروائي الحميم، وأضواء المسرح المبهرة، من بعيد! هناك على شاطئ الواقعِ خيال فحسب! أضنته البيئة الرملية وهو يبحث عن تربة صالحة للغرس، ولما تحقق المراد من رب العباد، وبُسطت الأرض الصالحة على مرمى من عينيه، لم تكن هذه الأرض على مرمى من وعيه! فالعنوان كبير وأصيل وشريف ولكن التفاصيل تخون! عبقري هذا الفساد الذي لا يبني بيته إلاّ في التفاصيل!

الفساد هنا لائحة، واللائحة لعبت فيها الرائحة، والرائحة تارة شللية وتارة قبلية وتارة (حركية)، فرأينا من يحصل على أعلى نسبة تصويت من الجمعية العمومية في انتخابات النادي الأدبي لا يحصل على تلك الأغلبية من أعضاء مجلس الإدارة، وربما صار آخر عضو في قائمة الإدارة الجديدة هو نفسه الحاصل على النسبة الأعلى من أصوات المجلس.. فصار رئيساً له!

معادلة غريبة..! وأعتقد أن سببها يكمن في التفاصيل: فالعنوان (انتخابات) والتفاصيل (تحزبات)! وطالما حذرنا من هذه التحزبات واللائحة طي الإعداد، ولكن لم تشأ اللائحة أن تسد هذه الثغرة، ولا يقولن أحد إن اللجنة التي شاركت في صياغتها لم تكن تدري عن الشللية والقبلية والتحزب، وكل ما على شاكلة هذه المعاني البائسة، ولكنهم لم يشاؤوا أن يدرجوا نصاً أو مادة أو فرعاً لمادة ينص صراحة على أن: الحاصل على أعلى نسبة تصويت من الجمعية العمومية هو رئيس مجلس الإدارة، ومن يليه هو النائب، ومن يليه هو المسؤول المالي، ومن يليه هو المسؤول الإداري، والبقية أعضاء. هذا هو الترتيب المنطقي للأعضاء، أما لماذا لم تنص اللائحة على ذلك، فمن يعرف الإجابة يدلني مشكوراً!

ولا أقول إن في تلك المادة (التي لم تدرج)، قضاء مبرماً على تلك السلبيات (الشللية والقبلية والتحزب)، ولكن فيها ـ على الأقل ـ ما يخفف من وطأتها، لأن التحزب هنا يصير صعباً، وإن حدث فإنه لن ينضج إلا بفضيحة لكبر عدد أعضاء الجمعية العمومية، أما أعضاء المجلس فسهل أن تجمع ستة أعضاء من العشرة في شلة واحدة، أو قبيلة واحدة أو حزب واحد، أو لمصلحة واحدة!

أقول: مسكين أيها الأديب السعودي..، صُمت دهراً وعزّت عليك التمرة!