رغم مرور عام على إعلان مدينة المعرفة الاقتصادية البدء في خطة لتنفيذ البنى التحتية للمدينة، إلا أن الأزمات الاقتصادية المتوالية أثرت على مجريات تنفيذ المشروع على أرض الواقع.

وقال مصدر في تصريح إلى "الوطن" على هامش ندوة مدن المعرفة الرابعة أمس إن هناك جزءا كبيرا من البنى التحتية لم ينفذ إلى الآن، مبينا أن الأزمة الاقتصادية التي أثرت على السوق العقاري في المملكة كانت أحد العوامل الرئيسية في عدم إنجاز البنى التحتية لمدينة المعرفة رغم الانتهاء من تصاميم البنية وتسليمها منذ وقت مبكر للمسؤولين في المدينة.

وكان الرئيس التنفيذي للمدينة المهندس طاهر باوزير أعلن في 27 أبريل 2010 أن مدينة المعرفة وضعت خطة تنفيذ على أربع مراحل حيث ستبدأ بتنفيذ البنية التحتية كمرحلة أولى للمشروع.

وعلى صعيد جلسات اليوم الثاني والأخير للندوة أمس أكد خبراء أكاديميون أن مدن المعرفة تحتاج إلى كوادر ماهرة من خريجي الجامعات، بالإضافة إلى العمالة المتخصصة المدربة جيداَ تقنياً ومهنياً، لذلك من الصعب التفكير في أي مدينة للمعرفة ليس لديها على الأقل جامعة واحدة مميزة وذات جودة عالية إلى جانب مجموعة متنوعة من معاهد التدريب التقني والمهني من الطراز الأول.

وجاءت الجلسة الأولى لأعمال الندوة لتؤكد على دور الجامعات والمؤسسات التعليمية في بناء قاعدة بشرية يمكنها المساهمة في التنمية المعرفية في العالم.

وأكد ممثل منظمة التعاون والتنمية باترك دوبار أن الجامعات لها وظيفتان هما التعليم والبحث، منوها أن مدن المعرفة تحتاج إلى كوادر ذات كفاءات متخصصة مهنيا وتقنيا. وشدد على أهمية وجود جامعات ذات جودة عالية في كل مدينة في المملكة إضافة إلى المعاهد التقنية .

وأفاد باترك أن التوجه الجديد في الوظائف منذ 2000 إلى 2008 يعتمد وبشكل كبير على الوظائف الخدمية والتي تلعب دور كبير في هذا الأمر هي مدن المعرفة التي تساعد على جذب الطلاب وتدريبهم وتهيئ لهم فرص وظيفية عالية وبمرتبات محفزة. في حين قال رئيس معهد ماسدار للعلوم والتكنولوجيا الدكتور فريد موافنزاده ، إنه من الناحية المثالية ينبغي أن تركز المؤسسات التعليمية برامجها التعليمية والتدريبية على الصناعات والأنشطة المهنية في مدينة المعرفة، مؤكداً أن حيوية مدينة المعرفة تساعد على جذب الطلاب والمدرسين والباحثين للجامعات، بينما المؤسسات التعليمية المميزة تساعد على جذب الشركات المحلية والأجنبية إلى مدينة المعرفة.

وفي مداخلة لمساعد المدير العام لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة الدكتور عبدالباسط بدر تساءل عن سبب إغفال مدينة المعرفة في المدينة المنورة العلوم والمعارف الإنسانية واقتصاداتها من خلال الخطط والبحوث المعروضة واقتصارها على العلوم التطبيقية والتي لا تتوافق مع طبيعة المدينة وطبيعة اقتصاداتها، كون مدينة المعرفة في المدينة والتي كانت أولى استراتيجياتها الاهتمام بالزائرين كعنصر معرفي واقتصادي وينبغي أن تقدم لهم الخدمة المعرفية وأن تستثمر اقتصادية هذه المعرفة وهي في الجوانب الإنسانية كالتاريخ والأدب والسيرة النبوية وهذا يحقق الخدمة المزدوجة الفائدة، المعنوية المادية. وقال الدكتور بدر: مدينة المعرفة في المدينة المنورة هي الأولى في الإنشاء على مستوى المملكة ولها خصوصية في بيئتها واقتصاداتها، لأنها مركز جذب لجميع المسلمين من جميع أنحاء العالم واقتصاداتها تعتمد بشكل كبير على السياحة الدينية.

وتساءل الدكتور بدر عن موقع العلوم والمعارف الإنسانية في مدينة المعرفة، وهل يمكن استدراك هذا التجاوز ووضع هذه العلوم ضمن إستراتيجية مدينة المعرفة وأقسامها.

فيما كانت الردود متوافقة لما ذهب إليه الدكتور عبد الباسط بدر، حيث شدد نائب عميد كلية العلوم في التصميم البيئي الدكتور يوسف نيازي على ضرورة الاهتمام بهذه العلوم في مدينة المعرفة وأقسامها.

وفي الجلسة الثانية قال مختصون في تقنية الاتصالات والتكنولوجيا إنه في الغالب يتم بناء مدن المعرفة حول مجموعات من الصناعات الحيوية ذات المعرفة المتفاعلة المكثفة، حيث لا يجب أن تقتصر هذه المجموعات على أنشطة التكنولوجيا المتقدمة، بل تتطلب هذه المجموعات بيئة ملائمة لممارسة الأعمال التجارية، وسيتطلب ذلك دعما فعالا من جانب القطاع العام من خلال تقديم سلسلة من الحوافز والتسهيلات والسياسات المختلفة التي يمكن أن تحفز القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني للتركيز على الأنشطة والاستثمارات في المعرفة والابتكار.

و قال مدير عام شركة سيسكو السعودية الدكتور بدر البدر إن تكلفة بناء المدن التحتية الذكية أقل بكثير من بناء المدن التحتية العادية وبنسبة تصل إلى 35 %، كون بناء المدن الذكية يبدأ من الصفر، غير البنى التحتية التي تحتاج إلى عمليات حفر وترميم موسعة، وأوضح البدر أن من أهم مزايا المدن الذكية أنها تعتمد وبشكل كبير على الاتصال السريع في الداخل والخارج .


مدينة المعرفة تلتزم بـ"ثقافة الورق"


حاولت " الوطن" استطلاع آراء المسؤولين في مدينة المعرفة الاقتصادية أثناء فعاليات الندوة حول تأخر البنى التحتية للمدينة، غير أن غياب المتحدث الرسمي للشركة سامي باروم وهو أيضا رئيس مجلس الإدارة عن حضور اليوم الثاني من أعمال الندوة حال دون الحصول على معلومات حول سبب تأخر جزء كبير من تنفيذ أعمال البنى التحتية في المدينة. وحين طلبت "الوطن" من مسؤول العلاقات العامة ومدير التسويق في مدينة المعرفة الوصول إلى المتحدث الرسمي للمدينة، أفاد "أنه يمكنكم كتابة الأسئلة التي ترغبون بها ومن ثم إرسالها إلى المتحدث للإجابة عليها، كونه الشخص الوحيد المخول بالتصريح للصحف".