نيابة عن المثقفين، وفي كلمته بمعرض الكتاب بالرياض أمس، أكد الدكتور مبارك الخالدي أن السينمائيين السعوديين يعتبرون أنفسهم خارج المشهد الثقافي السعودي، إذ إن الأندية الأدبية ترفض استقبالهم، وحتى المدن تتجاهل أبناءها السينمائيين وتجبرهم على الترحال إلى مدن عربية وعالمية.

وتساءل: لماذا لا تعرض أفلام السينمائيين السعوديين في المهرجانات المحلية؟ وما سر توقف مهرجانات سينمائية في عدد من المدن كمهرجان الأفلام في جدة؟

من جانبه قال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة: إننا نصنع بالكتاب حياتنا، ونلقي عليه بآمالنا وآلامنا، وحين نفكر فثمة كتاب في البال يرشد، وكتاب يوجه، وحين نقع على كتاب جديد، فلحن جديد يغشى حياتنا ويقلبها رأسا على عقب.

 




وجه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على رعايته الملكية السامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب، امتدادا لرعايته الكريمة للعلوم والثقافة والآداب، ومنها أمره بدعم الأندية الأدبية بمبلغ عشرة ملايين ريال لكل ناد. وقال خوجة خلال افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب مساء أمس "أتشرف بأن أنقل إلى مقام خادم الحرمين الشريفين السامي تهاني المثقفين والمثقفات في بلادنا له بهذه العودة الميمونة، وقد أنعم الله عليه بالصحة والشفاء، وها هو ذا يعود إلى شعب مخلص له، ولسان حال كل مواطن: حمدا لله على سلامتك يا خادم الحرمين الشريفين". ونقل خوجة تحيات وتمنيات القيادة للمعرض بالتوفيق والنجاح.

وتابع خوجة في كلمته "كأنه الأمس، حين التقينا العام الماضي لافتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، ثم حين انقضى الأمس إذا بنا نشتاق لهذا المكان لرائحة الكتب، لعناوينها، لشكل المجلدات، لأسماء المؤلفين، إننا نصنع بالكتاب حياتنا، ونلقي عليه بآمالنا وآلامنا، وحين نفكر فثمة كتاب في البال يرشد، وكتاب يوجه، وحين نقع على كتاب جديد، فلحن جديد يغشى حياتنا ويقلبها رأسا على عقب، وحق للمعرفة والثقافة أن تكون كذلك، فبالكتاب يتغير وجه العالم، وتتبدل الحياة، فهنيئا لكم صحبة الكتاب".

ووصف خوجة المعرض بأنه ولد كبيرا وأصبح علامة مميزة في الحياة الثقافية العربية، وعكس تطور الحياة الثقافية في المملكة، معبرا عن استبشاره بحالة القراءة بين الشباب والشابات، ونمو الوعي بينهم، قائلا: إنهم يقرؤون كما لم نقرأ، ويفكرون كما لم نفكر، نعم قد لا يقرؤون ما نقرأ، ولا يفكرون كما نفكر ولكنهم يقرؤون ويفكرون، ويتخذون من الوسائط الحديثة ما يؤسس في أذهانهم وعيا جديدا، في صفحات افتراضية يقدمها لهم عالم الحداثة الجديدة في الاتصال والمعلومات، إنهم أكثر اتصالا منا بالحياة بإيقاعها وتحولاتها.

ورحب خوجة باسم المثقفين والمثقفات في المملكة بضيف شرف هذا الموسم، في معرض الرياض الدولي للكتاب.. جمهورية الهند، لافتا إلى أنها فرصة عظيمة للاطلاع على إسهام الثقافة الهندية في تاريخها الثقافي العريق والتذكير بماضينا المشترك في صناعة الحضارة الإنسانية، مضيفا: عاشت الثقافة العربية والثقافة الهندية في مهاد جغرافي وثقافي مشترك، واتصلت الثقافتان والشعبان العربي والهندي منذ أزمنة موغلة في القدم، وكانت التجارة وطريق القوافل ميداناً لذلك التثاقف، وتناهت إلينا من الماضي الثقافي المشترك أصداء (كليلة و دمنة) و(ألف ليلة و ليلة).


عرس ثقافي

من جانبه، أكد وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية المكلف الدكتور عبدالله الجاسر

أن معرض الرياض الدولي للكتاب أثبت بالرغم من حداثة تكوينه قوة في حضوره الثقافي في عالم الثقافة العربية، وأنه بات محط أنظار المثقفين والمثقفات داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى كونه حدثاً اجتماعياً يهم الأسرة السعودية، وأن هذا اليوم "أمس" يعتبر عرسا للثقافة في المملكة وفي الوطن العربي.

واستشهد الجاسر بتقرير مؤسسة الفكر العربي الذي ذكر أن معرض الرياض بشّر بثقافة جديدة في حركة المجتمع السعودي ومسيرته، حيث إن الثقافة ليست ترفاً وإنما هي محرك مهم في صناعة الإنسان والمجتمع ومؤشر مهم نحو التغيير إلى الأفضل.

وشدد الجاسر على أن معرض الرياض الدولي للكتاب لم يعد متجراً لبيع الكتاب وتسويقه واقتنائه، وإنما تجاوز ذلك ليكون حدثاً ثقافياً فريداً وعلامة حضارية لتطوير الكتاب وصناعته بل وصموده أمام وسائط الاتصالات الجديدة بكل تقنياتها المعاصرة، ليظل الكتاب المطبوع والكتاب الإلكتروني يعيشان جنباً إلى جنب دون أي صدام متوقع بينهما.





تواصل ثقافتين

من جهته، أبدى السفير الهندي لدى المملكة العربية السعودية، تلميذ أحمد، سعادته بالمشاركة في حفل الافتتاح لمعرض الرياض الدولي للكتاب، وهو من أكبر الأحداث الأدبية والفعاليات الثقافية وأكثرها أهمية ليس في المملكة وإنما على صعيد المنطقة الخليجية والعربية بصفة عامة.

وأكد تلميذ في كلمته أن الهنود والعرب عرفوا بعضهم بعضا منذ أربع ألفيات وأثروا على الروح الدينية والفكرية والثقافية بعضهم لبعض.

كما أبدى تلميذ سعادته بمشاركة عدد من المثقفين والأساتذة والباحثين الهنود من مختلف مجالات الدراسات الإسلامية والثقافية واللغة العربية وآدابها بالمعرض وفعالياته الثقافية من ندوات ومحاضرات، وذلك لإجراء النقاش مع أصدقائهم العرب حول السمات المختلفة للوعي الثقافي والفكري الراهن في منطقة الهند، وقال "إنني لواثق أن هذا التفاعل سيساعد في تحديد هوية المأزق المعاصر، حيث توجد لدى الشباب والنساء آمال وطموحات كبيرة، ويريدون مكانا لأنفسهم في مجتمع جديد طلع فجره حديثاً، كما أنني واثق أن هذه المشاركة ستكون مثمرة للغاية للمثقفين والباحثين السعوديين والهنود".

تساؤلات رابطة الأدباء

إلى ذلك، حمِد الدكتور مبارك الخالدي، الذي ألقى كلمة المثقفين، الله على سلامة وعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أرض الوطن سالما معافى، وقال "مليك الإنسانية، لم تغب المملكة عن ناظريه أبداً خلال غيابه للعلاج ثم النقاهة، وما غاب عن ناظريها لحظة، وما كف قلبها عن النبض بحبه ولسانها عن الدعاء له بالشفاء والأوبة الآمنة، فقد عاد عبدالله بن عبدالعزيز.. الإنسان الذي أحدث نقلة نوعية ثقافية وحضارية غير مسبوقة بتدشينه حقبة الحوار ودعوته إلى اعتماد الحوار أسلوب حياة وآلية للتعامل مع مجمل القضايا.. لقد عاد إلينا رجل المهمات الصعبة.. رجل الإصلاحات الكبيرة التي ستعزز مكانة هذه البلاد وتؤكد أحقيتها باحتلال موقع بارز شامخ بين الدول الهامة والمحورية على الصُعد السياسية والاقتصادية والحضارية، وإن الفرحة عمت كافة البلاد بعودته، وتضاعفت بعد إعلان حزمة مكرماته، وابتهج أهل الثقافة على نحو خاص بما نالوه من غيث مكرماته الذي تجسد في هبته السخية للأندية الأدبية".

وشدد الخالدي على لسان أهل الثقافة على أهمية التذكير بتوصيات المؤتمر الثالث للأدباء السعوديين التي لم تر النور إلى الوقت الراهن، ومنها دعوة الجهات ذات العلاقة إلى دعم تأسيس رابطة الأدباء، وإنشاء صندوق للأدباء وتمويله من المؤسسات الحكومية والأهلية، والعمل على تفريغ الأدباء والمثقفين والفنانين لإنتاج أعمالهم ووضع تنظيم بإشراف وزارة الثقافة والإعلام، وتفعيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب، حيث صدرت الموافقة على إعادتها، والعمل على إنشاء جوائز ثقافية وإبداعية، والتأكيد على كافة الجهات الحكومية بالعمل على تطبيق قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على تنظيم المشاركات، ومنها المؤتمرات الثقافية في الداخل والخارج والسماح للموظفين بحضورها.

وقال الخالدي إن أهل الثقافة والسينمائيين السعوديين يعتبرون أنفسهم بدون المشهد الثقافي السعودي، حيث إن الأندية الأدبية ترفض استقبالهم، مضيفا: حتى المدن تتجاهل أبناءها السينمائيين وتجبرهم على الترحال إلى مدن عربية وعالمية. وتساءل: لماذا لا تعرض أفلام السينمائيين السعوديين في المهرجانات المحلية؟ وما سر توقف عدد من المهرجانات السينمائية في عدد من المدن، كمهرجان الأفلام في جدة؟ وقال الخالدي إن المسرحيين يقولون إن غيابَ ما يطلِقُون عليه اسمَ البنيةِ التحتيةِ المسرحية، وغياب الدراسةِ الأكاديمية ِ والتدريب ِ والورش ِ المسرحية ِ المستمرة، وضآلة الدعم ِ المادي و المعنوي، كلُّها عواملٌ تجعلُ المسرحَ المحلي يراوحُ مكانه في الغالب، وإن كان يحدث بعض الإشراقاتِ والتجاربِ المسرحية ِ المتميزة ِ التي غالباً ما يكون مآلهـا إلى الانطفاء، وتوقـُفِ أصحابها نتيجة الشعورِ بالإحباطِ واليأس، وإن أولَ خطوةٍ يوصي المسرَحيونَ بأخذِها في سبيل النهوض بالمسرح هي إحداثُ رجةِ انبعاث قويةٍ في الجمعية العربية السعودية ِ للثقافة ِ والفنون لكونها الحاضِن الرسمي ّ للمسرح والمسرحيين. كما تطرق الخالدي لوضع جمعية الثقافة ِ والفنون، مشيرا إلى ضعفِ الإمكانات الماديةِ لها. وأكد الخالدي حاجة المسرح إلى وقفة جادة على أرضية من الإيمان الراسخ بأهمية المسرح باعتباره مجالاً للعمل الإنساني الخلاق، وبدوره التنويري والتثقيفي والحضاري.