"إذا كان البياض لباس حزن
بأندلس فذاك من الصواب
ألم ترني لبست بياض شيبي
لأني قد حزنت على شبابي"
واضح التصنع في البيتين، لكن فيهما ما يشير إلى مشترك بين الجيزانيات والأندلسيات وهو لبس البياض عند وفاة الزوج، وقد رأيتهن في طفولتي أما اليوم فقد تغيرت العادة ولا أعرف ماذا يلبسن. تمضي شهور وسنوات وربما العمر دون أن نستطيع تقديم العزاء لجارة أو قريبة توفي زوجها.
اليوم تختفي المرأة بعد وفاة زوجها تماماً عن الأنظار وتمتنع عن الخروج من البيت لأي غرض. وزادت ممنوعات أخرى، ولو ارتكبت أي محظور لانتقضت عدتها وعليها أن تبدأ من جديد.
المحزونة، وقد جاوزت الستين من عمرها تستقبل التعازي في وفاة زوجها، الحاضرات يتبرعن بقوائم المحظورات التي عليها تجنبها؛ارفعوا التليفزيون من غرفتها، لا يجوز لها مشاهدة التليفزيون، هكذا قالت إحداهن.
يدخل طفل الجيران كأنه جني يدور بينهن فيزجرنه إذ حرام عليها أن تتكلم مع رجل أو يراها رجل.
حرام أن تلبس من الأحذية إلا الشبشب. هكذا قالت إحداهن. حين همت الأرملة بشرب فنجان قهوة صرخت إحداهن في وجهها أن تتأكد هل القهوة فيها زعفران أم لا. فلا يجوز للأرملة المعتدة أن تشرب قهوة فيها زعفران. وحين استغربت الحاضرات قالت لهن: هكذا قال لي "شيخ" لا أعرفه.
من أين يأتي النسوة بهذه الأخبار؟ وهل لهن واعظون متخصصون في محظورات الحداد؟
عجائز انقطعن عن الإنجاب من عقود تم سجنهن في البيوت منزويات في غرف منزوية معزولات عن كل ما حولهن أربعة أشهر!
أكيد هناك قوائم ممنوعات لا أعرفها. وكلها منكرة تستغل جو الموت الذي يصعب فيه الأخذ والرد والمناقشة ومستترة خلف مفردة فتوى واعظ غير مؤهل.
أمور تضحك منها الثكالى!