يستغرب الآخر من أصحاب الثقافات الأخرى، وممن لا يعرفون عاداتنا وتفاصيل ثقافتنا الاجتماعية المتجذرة، أنه حتى الآن لا يُسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة! ويزداد استغرابا ودهشة حين يعرف ويتفاجأ بأن المرأة لدينا وصلت لمناصب قيادية كنائبة وزير ووكيلة وزير وبعد سنة عضوة في مجلس الشورى، ويمكنها أن تُصوت وترشح في الانتخابات البلدية بعد القرار الملكي التاريخي منذ فترة بسيطة، وهي قبل ذلك تقود إدارة شركات ومؤسسات كبرى وتصل لمستويات علمية عالية ومرموقة عالميا، مع كل ذلك لا يسمح لها بأن تقود سيارة! هذا الأمر يُمثل للآخر شيئا من الغرائب! ولكن لسنا الوحيدين في العالم ممن لديه غرائب، ففي نيويورك التي تمثل ثقلا بين مدن العالم وليس فقط الولايات المتحدة الأمريكية، تجدها تمتلئ بالمباني والفنادق الشاهقة العالية، لكن الغريب في الأمر أن تجد معظم مصاعد هذه المباني تخلو من الطابق رقم 13! هذ ما لفت نظري أول مرة في الفندق الذي أسكنه إذ لا يوجد في مصعده الطابق رقم 13 رغم أنه يتجاوز الخمسين طابقا! وتتفاجأ بالتسلسل الرقمي "11،12، 14،15.."! وكنتُ أظنه خطأ فنيا، لكن مع الوقت لاحظت أن الأمر شائع في عدد من مصاعد أخرى بمعظم البنايات العالية في نيويورك، فلا وجود للرقم 13 أبدا!
ولم أتردد في سؤال عدد من الموظفين بهذه البنايات، أحدهم أخبرني باسما: "لأنه رقم نحس، ومعظم الأمريكيين لا يحبون هذا الرقم ويحذرونه ويخافون من لعنته!" فيما آخر قال: "معظم الفنادق في أميركا لا يوجد بمصاعدها الطابق رقم 13 لأن النزلاء يكرهون هذا الرقم ويتشاءمون منه ويرفضون النزول في الطابق رقم 13!" وتابع "الأميركيون يعتبرونه رقما سيئ الحظ وفيه طاقة شريرة لذلك لن تجدين شقة رقم 13 أو منزلا رقم 13 أو حتى غرفة برقم 13 وأحيانا كثيرة يتجنبون السكن في حي رقم 13 وكذلك أن تكون زواجاتهم أو مناسباتهم الرسمية في يوم 13 من الشهر خاصة لو صادف يوم جمعة!".
إذاً المسألة شبه عامة وليست مجرد مصاعد فنادق وشركات فقط، وتعود هذه الفوبيا من رقم 13 إلى خرافة متداولة في العصور المسيحية القديمة من لعنة الرقم 13 وأنه يمثل رقم الشيطان، ولهذا يخشون نحسه وطاقته الشريرة كما يعتقدون، هكذا ببساطة، العقل الأمريكي الذي يُصدر التقنية والتكنولوجيا العلمية والأسلحة ويقود الثورة المعلوماتية والإعلامية والطبية في العالم، وتعتبر دولته ذات سيادة سياسية على العالم ما يزال هذا العقل يؤمن بالخرافة ويخشى مجرد رقم هو (13)! فما أكثر العجائب و"التُحف" في عالمنا الكروي الأرضي الضئيل! ولله في خلقه شؤون!