يخوض السعوديون كل عام قبل عيد الأضحى معركة مع الوقت، ومعركة مع الجيب، فبينما سجل مجموع ما ينفقه السعوديون على الأضاحي 11 مليارا، وهو رقم مرعب مقارنة بعدد السكان، وينذر بأرقام فلكية ستصرف في العقود القادمة، تأسس لدى الجميع عرف جديد، ألا وهو السفر.. فأصبح رب العائلة المسكين يواجه ضغوطا عنيفة كي يسافر بأولاده إلى أي مكان، وقد يقول قائل: إن هذا يحدث في الدنيا كلها، وأقول: هذا صحيح، ولكن ليس في الدنيا كلها مثل أعداد أيام إجازاتنا.

الاستهلاك مرض أصاب السعوديين فأصبح جل كدهم يذهب في الاستهلاك، والأرقام في هذا المجال مفزعة. فأرقام مديونية الأفراد للبنوك تتراوح بين مئتين وخمسمئة مليار.

تتوالد المجمعات التجارية في السعودية بمعدلات ربما تضاهي توالد البشر، ويصعب أن يمر أسبوع من دون أن تلاحظ أن هناك مجمعا تجاريا يبنى، فلا شيء في بلدنا اسمه الحي التجاري أو شارع العلامات التجارية، فالمدن تغص بكل ما يتخيل الإنسان من محلات تجارية. والمواطن كلما ارتفع دخله زاد استهلاكه، ومعيار الرجولة والكرم أن تصرف أكثر من 2000 ريال، ربما هي كل ما عندك لتقدم خروفا لضيوف جاؤوك فجأة.

نحن بلا شك مرضى، ابحثوا لنا بالله عليكم عن طبيب يغير مفاهيمنا الاستهلاكية وأنا أول المراجعين له، أو ازرعوا في الجيل القادم حب الادخار وكره التفاخر، إنها أزمة جيل من رجال ونساء اعتادوا التبذير. السعوديون في 2008 ضحوا بـ12 مليون رأس واستهلكوا خلال السنة ما يعادل 5 ملايين، تخيلوا فقط 2050 عندما يصبح السعوديون خمسين مليونا. إنها بلا شك أزمة قادمة اللهم سلم.