ترى ما هي الفائدة عندما تنشغل فئة من الكتاب باستفزاز شرائح كبيرة من المواطنين فتتهمهم بالفم (المليان) أن أجدادهم كانوا عبدة طواغيت وكانوا مشركين (؟!) قبل مناقشة هذا الجدل الضال، لا بد من القول أولاً إنه لا يمكن لأحد كائناً من كان أن يسلم ولا قيد أنملة بهذه الفرية، ولا حتى مجرد الافتراض الجدلي بها. لذلك فإن مناقشة أصحاب هذا الاستفزاز تستوجب أن نسألهم: ما السبب وراء هذا الادعاء الباطل؟.. هل هم يتلهون بهذا الاتهام أم أنهم يعبرون عن عملية إقصاء ممنهجة؟ ولا بد أن نقول لهم: إن عملهم سوف يتسبب بكل تأكيد في ردة فعل قوية من شرائح أخرى من المواطنين، فهل يا ترى يدركون خطورة ما يفعلون؟

لا أريد مناقشة هذه التهم لأن غايتي من طرح هذه الأسئلة الآن أن ألفت الانتباه إلى أمرين: الأول، سواء كان هؤلاء يدركون أو لا يدركون أبعاد وتبعات فريتهم، فهذه تعد كارثة. وبالتالي لا بد أن نحذر أنفسنا وغيرنا من الطريق المسدود الذي سيأخذوننا إليه. لو أن مراقباً خارجياً تصفح مواقعنا على الإنترنت وقرأ محتوياتها لخرج باستنتاج مهم بالنسبة له ومحزن لنا وهو أن في مجتمعنا من يعيش بيننا ويحمل الكراهية والحقد لبقية المواطنين. ففي الوقت الذي كان الناس في الوطن وفي العالم الإسلامي منشغلين بأيام الحج وكان الحجيج يعيشون عبق (الرحمات)، اشتغلت مجموعة من كتاب الإنترنت بإطلاق هذه التهم وكأنه لا هم ولا غاية لها في هذه الحياة إلا تضييع الوقت في الكراهية والعداء.

الأمر الثاني أريد أن أقول بصوت مسموع لا بد من وقف هذا العبث لأن تبعاته وخيمة. وهو مؤشر خطير يعمل ضد رغبة الدولة والمواطنين الداعية إلى ترسيخ مفاهيم الوفاق والحوار والتعددية. ولنا في تنظيمات الإعلام الجديدة مسوغ قوي في محاسبة وتغريم كل من يتسبب في إثارة العصبية في المجتمع ويسيء للوحدة الوطنية، الأمر الذي توافقنا فيه جميع قوانين الدول على تجريمه ومنعه في وسائل الإعلام. وأريد أيضاً أن أقول بصوت مسموع: إننا إن لم نوقفه، فلن يصمت أحد أمام هذه الافتراءات .. وسوف يملأ الناس كل وسائل الإعلام ووسائط الإنترنت بالصراعات. وعندئذ، سوف يزداد النقاش سعيراً بالتفاخر والتنابذ!