"ثبتك الله". كانت الإجابة جاهزة وافتراضية إذا ما التقى مواطن بموظف على بند أجورأو استخدام في جهة حكومية، فليس هنالك وظيفة مثيرة للدعوات أكثر منها. هي وظيفة بلا مستقبل أو ثبات، لا تغني ولا تسمن من فقر بعد التقاعد ولا قبله.. هكذا رثاها وبنودها مواطنون على مواقع الإنترنت أمس.

وبالأمس وبعد صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين بتثبيت الموظفين عليها، تقاطرت التساؤلات إلكترونيا في المدونات والمنتديات عن مستحقيها، بجانب تهاني الثبات المقبل على مراتب رسمية، ورثاء لوداع ما أسموه بـ" وظيفة من لا وظيفة له". وطوال سنوات، كان عدد من الوزارات تبتكر لأزماتها الطارئة، بنودا تسمح لها بالاستعانة بالمواطنين في خدمة مؤقتة والاستغناء عنهم دون التزامات، وبرواتب ضئيلة مقارنة بتلك التي يتمتع بها الموظفون الرسميون في الدولة، إضافة إلى أنها تخلو من مميزات تكفل للقابعين تحتها حقوق التقاعد ونهاية الخدمة والعجز عن العمل.

ففي 1999، أوجدت وزارة الزراعة بندا لمكافحة حمى الوادي المتصدع استجابة للمرض الذي تفشى في جازان وقتها، ولـ"السوسة الحمراء" والجراد أوجدت بندين لمواجهة هجمـاتها المتواصلة. الأمر الذي تندر حوله عدد من المدونـين في المنـتديات بقولهم: ".. وعلى قـدر الأزمات والمشاريع كانت تأتي البنود".

وطالما ارتبط البند "105" الأشهر سعوديا، والذي صار خيارا لوزارات إذا ما عانت عجزا وظيفيا، بمتلازمة القلق والأمراض النفسية والخوف، وهذا ما كان يتحدث عنه مواطنون ومواطنات في صفحات منتديات وزارة التربية والتعليم، فأرشيفها مثقل بمطولات الشكاوى والتذمر، ومطالبات التثبيت منذ سنوات، إضافة إلى تساؤلات متوالية عن ذلك الذي ابتكر لهم ما أسموه بـ"بدعة البنود". وبعد توالد متواصل لتلك البنود، والتي وصلت إلى 140 تحتها180 ألف موظف وموظفة، فاجأ وزير الخدمة المدنية محمد الفايز أعضاء مجلس الشورى في نوفمبر 2009، بأنها مخالفة لنظام الخدمة المدنية، ومستبعداً علم وزارته بها. وأشار الفايز إلى أنها ليست على ضوابط أو معايير، ولا تعتمد على الجدارة أو المنافسة أو تكافؤ الفرص بين المواطنين، الأمر الذي فجر مداخلات متتابعة من أعضاء المجلس وقتها.