قبل عدة أعوام، أقل من أصابع اليد الواحدة، وقفت سيدتان سعوديتان على بوابة نادي الرياض الأدبي تنتظران خروج معالي وزير الثقافة والإعلام من داخل المبنى لترفعا إليه طلب قبول مشاركة المرأة في أنشطة النادي المختلفة.
يومها كانت بوابة النادي الخارجية آخر الأسوار التي يسمح للمرأة المثقفة لا بتجاوزها، بل بالوقوف عليها.
وكانت آمال المرأة المثقفة أن تدفع معروضها في يد معالي الوزير على البوابة الخارجية.
شخصياً، وقفت مع لجنة انتخابات مجلس إدارة نادي الرياض الأدبي قبل شهر من اليوم، وكانت المفاجأة أن أربع مثقفات يقفزن فجأة إلى دائرة العشرة الفائزين، ومن بينهن هاتان السيدتان، وكان أقصى أحلامهن أن يشاركن في نشاط النادي، وفي بضعة أعوام يصلن إلى عضوية مجلس الإدارة. وبعدها بأسبوعين تحصد المرأة المثقفة في عسير مقعدين من مقاعد نادي أبها الأدبي.
ومن هو الذي يستطيع أن يتخيل أن امرأة تحصد المركز الثالث في عدد الأصوات، متفوقة على أسماء بارزة من الحجم الثقيل في مشهد هذه المدينة الثقافي. هذه البراهين التي أثبتها الصوت الانتخابي لتمنح المرأة 40% من مقاعد الكتلة الثقافية في الرياض إنما تشير إلى بدهية واحدة: أننا جامدون عند قناعاتنا القديمة، فيما تسارع الزمن، وفي أقل من بضع سنوات، يفضي إلى واقع مختلف وإلى دهشة يصعب معها التصور.
وفي كلا المشهدين الانتخابيين، وصلت المرأة عبر أصوات الرجال، لأن صوت الرجل هو الطاغي في الجمعية العمومية، وفي كلتا الحالتين وصلت المرأة أو هؤلاء جميعاً بتباين مختلف في الاتجاهات وانتماءات المدرسة. البرهان الوحيد أن مجتمعنا يتغير دون أن ندرك هذا التحول الذي لم يترك لنا سوى الدهشة.