ليس فقط في العلاقات بين الأشخاص، جاءت الاتفاقات الدولية لتحد من سطوة القوي على الضعيف، بل حتى بين الدول، كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها. وقد تكون البعثات الدبلوماسية لأي دولة في الخارج، مهما كانت قوة هذه الدولة، أكثر الأماكن عرضة للتعدي، وأكثر الحلقات ضعفا، كونها لا تملك إلا سلاح الكلمة لمحاججة الآخرين، والرد على أسئلتهم. فهي لسان حال دولتها، وصورتها الحضارية.

من هنا كانت الأحكام الدولية التي تحمي هذه البعثات من أي اعتداء قد تتعرض له، حسب ما جاء في المادة 22 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961. وهي اتفاقية تلزم الدول المضيفة للبعثات الدبلوماسية باحترام مباني السفارات والقنصليات المعتمدة لديها، واتخاذ الوسائل اللازمة كافة لمنع اقتحامها أو الإضرار بها، وبصيانة أمن البعثة من أي اضطراب أو من الحط من كرامتها.

ما جرى من اعتداء على السفارة السعودية في دمشق وعلى السفارتين القطرية والتركية، يخرق بنود اتفاقية فيينا بشكل واضح وصريح، ويضع النظام في سورية بمواجهة ليس ممثلي هذه السفارات فقط؛ وإنما بمواجهة المجتمع الدولي، إذا لم يسارع إلى إجراء التحقيقات اللازمة ومعاقبة الفاعلين، إن كانوا من رجال الأمن الذين سهلوا وصول المتظاهرين إلى السفارات، أو المتسببين بالأضرار التي ألحقت بالبعثات، ناهيك عن ضرورة الاعتذار الرسمي لعواصم هذه الدول التي ألحقت بها أضرار معنوية.