الدور الذي يلعبه الاقتصاد السعودي في الاقتصاد العالمي آخذ في التنامي، خصوصا في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية. فالمملكة تعد صمام الأمان لاستقرار أسعار النفط، كونها صاحبة أكبر طاقة إنتاجية.

هذا الدور المهم، والنمو المطرد لاقتصاديات الدول النامية في الخليج والشرق الأوسط، جعل المملكة تستحق أن تنضم إلى مجموعة العشرين، والتي أصبحت بمثابة المجلس الاقتصادي الأعلى للعالم. ولكن كل هذه الإنجازات والاستحقاقات لا تعكس بالضرورة الموقع الريادي الحقيقي للاقتصاد السعودي من المنظومة العالمية. فالمردود المادي من عوائد إنتاج النفط قد انعكس بصورة إيجابية بتكوين احتياطيات مالية ضخمة، وفوائض كبيرة في الميزانية العامة. إلا أن ميزات الاقتصاد السعودي لا تنحصر في تصديره للنفط فقط. فنحن مقبلون على وحدة نقدية خليجية والتي ستمثل سادس أكبر اقتصاد في العالم، والنمو في حجم السوق الاستهلاكية الخليجية، بالإضافة إلى الاحتياطيات المالية الضخمة والتي أصبحت سلعة غاية في الأهمية يتزايد عليها الطلب يوما بعد يوم.

فمنذ اندلاع أزمة الديون السيادية لليونان، وانتشارها عبر القارة الأوروبية في شكل خطط تقشفية خانقة، نجد أن الدول المتأثرة بعجوزات في ميزانياتها وديونها العامة تتجه أنظارها صوب الصناديق السيادية للدول ذات الفوائض والاحتياطيات المالية الكبيرة. فالحل الوحيد لإنقاذ منطقة اليورو يتمثل في ترشيدها للإنفاق من مواردها العامة لتخفيض العجز الحكومي، واستمرار التدفقات النقدية من الخارج على شكل استثمارات طويلة الأجل. وقد برعت الصين في استخدام احتياطياتها المالية الناتجة عن عوائد تجارتها مع الولايات المتحدة خصوصا، لتأسيس شراكات حول العالم تضمن بها احتياجات اقتصادها المستقبلية. فالصين تفتقر إلى الطاقة، ولذلك نجد الحكومة الصينية والقطاع الخاص الصيني يستثمران أموالهما في مشاريع نفطية في أفريقيا، وأبحاث كندية لاستخراج النفط من حجر السجيل، وخطوط إمداد قوقازية للغاز المسال.

يجب علينا اليوم استغلال الأزمات التي تمر بها اقتصاديات الدول المتقدمة لتعويض ما نفتقر إليه من موارد. فقد أتاحت لنا أزمة الائتمان العالمية قبل نحو عامين شراء شركات صناعية كبيرة بأقل الأسعار، ولكننا لم ننتهز الفرصة. ولكن وضع الدول المتأزمة اقتصاديا اليوم أكثر سوءا، فهي إن كانت قد تمكنت من الإفلات من الكساد في المرة السابقة عبر ضخ الأموال الحكومية في اقتصادياتها، فإن هذه الأموال غير متوفرة اليوم بسبب العجوزات الضخمة.

العالم اليوم بحاجة إلى نفطنا واستثماراتنا، ويمكننا إن أحسنا استغلال هذه الفرصة نقل تكنولوجيا الصناعات المتقدمة من هذه الدول إلى الوطن. وبذلك نتمكن تنويع القاعدة الاقتصادية للدولة بعيدا عن قطاع النفط والطاقة، وتوفير الملايين من فرص العمل، والوصول إلى التشغيل الكامل للاقتصاد.