في القمة العربية القادمة ـ لو شاء لها أن تُعقد ـ ستحضرُ وجوهٌ جديدة، أتت بطريقة جديدة.. لكنني لا أتصور قمة عربية من دون القذافي.. فأين لها بمُهرج ومُنظر بعد رحيله

ـ يرحمه الله برحمته ـ أم يجب على الجامعة العربية البحث عن بديل، أم تغير حالها فلم تعد بحاجة إلى رئيسٍ فهلوي، أم إنها سترفض تكرار المشهد لا تكرار الرئيس؟

معمر القذافي وَجَدَ مكاناً في المؤتمرات العالمية بينما كان مشغولاً بالتآمر على العالم.. لكن من ذا الذي نصّبه قائداً وزعيماً للقومية العربية! لا أحد، عفواً.. (جمال عبدالناصر) حسناً، إذن من نصّبَه ملك ملوك أفريقيا! (أظنه الفقر الأفريقي) فطفق يغدق عليهم من أموال شعبه ليتركهم وراءه فقراء من أجل عيون فقراء أفريقيا، لكن ألا تظنون أنه فَعَلَ هذا من أجل إشباع فقره النفسي حتى بات خطيباً ليس للقمم الأفريقية فحسب؛ بل وخطيباً لصلاة الجمعة الأفريقية؟

من وجهة نظر نفسية، أظن أن كلَّ ما تقدم إضافة إلى تصفيق شعبه ووزرائه الدائم له كلما كح أو سعل هي التي ساهمت في بناء نمط القذافي النفسي، فضلاً عن الاستعداد المرضي لديه كشخصية سيكوباتية ارتقت إلى مستوى داء العظمة.

أنا لا أعتب على الليبيين الذين كانوا يصفقون له؛ إنما أعتب على جامعة الدول العربية التي كانت تصفق له هي الأخرى على مدى اثنين وأربعين عاماً في ظل (ممارساته) كرئيس للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية القذافية العظمى.

نعم، جمال عبدالناصر أشعل فتيل مرض القذافي النفسي بقوله: معمر القذافي هو الزعيم الذي آمنه على القومية العربية.. ليته قال: هو الذي آمنه على شعبه.

نهاية القذافي المأساوية لم تأتِ مصادفة، بل هي حتمية تاريخية في ظل عقدة الفرد المطلق.. إنما السؤال الذي أود معرفة الإجابة عنه، هو: هل القذافي مسؤول شرعاً عن تصرفاته، أم إن الوطن العربي الكبير هو المسؤول؟

مذ بدأت الكتابة الصحفية بُعَيد تولي معمر القذافي السلطة المطلقة في ليبيا وأنا لم أفلح في نشر مقال سياسي واحدٍ عنه.. اليوم لم تعد لي حاجة للكتابة عنه، لكن الأهم من هذا هو ألا نحتاج للكتابة عن غيره.