تقول مارجريت ميتشل: إن الحرب لو لم يزعم مشعلوها أنها مقدسة لما انضم إليها أحد.

وحده الله يجعلنا نقاتل لرفع رايته، ثم الدين والوطن، والجهاد لا يمكن لأحد أن يدعي عدم وجوبه، لكن الإسلام يضع قاعدة مهمة، وهي "لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" وهو ماسار عليه واختاره قادتنا في بلادنا الذين أوجب الله علينا طاعتهم، لما في ذلك من مصلحة لنا، ومع ذلك باب الجهاد لا يغلق، فهناك جهاد الدنيا بالعلم والمعرفة وتحقيق الاكتفاء في معيشتنا وصناعاتنا، هكذا نستطيع نشر ثقافتنا الإسلامية وتحقيق العزة والرفعة لنا كمسلمين أولاً وسعوديين ثانياً، لكن هناك من يبني بيوتاً في الرمال ويرفع صوته أو يتسلل به إلى عقول الشباب، مدعياً أن نار الحرب التي يشعلونها هي جهاد بجهودهم الفردية في مقابل دول هي من يحدث الفرق، لينتج عن ذلك شباب مأسور وسجين في أكثر من بلد.

فهناك 100 سجين سعودي في العراق معظمهم في مطلع العشرين، وقد غرر بهم من غرر وأخرجهم من مدارسهم وجامعاتهم بعد أن أقنعهم بأنهم المجاهدون الباقون في هذه الأرض، وعلى يديهم تتحقق نصرة دين الله عز وجل، أخرجهم وبقي هو آمناً في بيته ووسط أولاده وزوجاته، ولو سألته عن هؤلاء الشباب لقال لك: "اتق الله، أنا دعوتهم لحتفهم؟! أنا لم أقل ولم أحرض، لتصمت"، فما الذي ستفعله إزاء تبرئه خاصة أن لديك هماً أكبر؟!

لديك 100 شاب سعودي ينتظرون تنفيذ الحكم عليهم بالإعدام، بعضهم لم تمس يده قنبلة، ولا يعرف الفرق بين الرشاش والبندقية، قبض عليهم متسللين وأودعوا في سجون غير خاضعة لأية معايير إنسانية أو حتى حيوانية، عانوا من التعذيب بما يكفي ليستردوا وعيهم ويتذكروا خطأهم.

إن بلادنا لا تتخلى عمّن يطلب نصرتها وهو ليس سعودياً، بل غير مسلم، وذلك لما جبلت عليه قيادتنا من نصرة الضعيف والمضطر، فكيف بهؤلاء الشباب السعوديين الذين أوقعتهم رعونة الشباب واندفاع المراهقة في أسر بلاد مضطربة تعاني الطائفية وانعدام الأمن، وتجعلك تشك ملايين المرات في احتمالية العدل في التعامل معهم.

نعم نحن معكم.. هم مخطئون، ولابد من محاكمتهم، لكن في بلادنا التي تحكم بشرع الله ولا تعذب المساجين ولا تنتهك إنسانيتهم، في بلادنا التي تعي الظروف التي أحاطت بهم وأدت لوقوعهم في شرك الشجاعة الزائفة، في بلادنا التي تعرف جيداً ما الذي جعل هؤلاء الشباب صيداً سهلاً لمرتزقة الأخلاق والبطولات الزائفة، أصحاب العبارات الرنانة التي يسمعها مراهق فيلجأ لغرفته يردد بينه وبين نفسه تلك الكلمات مدبراً خطة محكمة للهرب من منزله والسقوط في مستنقع العراق.

إن لهؤلاء الشباب آباء وأمهات وإخوة وأخوات ينتظرون أن تقف بلادنا معهم فمهما فعل هؤلاء الصغار يظلون سعوديين.