هيمنت الاحتفالات على مدينة بنغازي مهد الانتفاضة الشعبية في شرق ليبيا، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع وأطلقوا الألعاب النارية ووزعوا الأطعمة. وقال مدير المركز الصحي في بنغازي حسام إبراهيم شريف أمس: إن نحو 320 شخصا قتلوا في بنغازي التي قادت التحدي المتنامي لحكم القذافي الذي بدأ قبل 41 عاما للبلاد. واحتشد المحتجون في الشوارع ولوحوا بالأعلام ذات الألوان الأحمر والأخضر والأسود والتي تعود إلى عهد ما قبل القذافي ووزعوا الحلوى والعصائر على السيارات التي أطلقت أبواقها ابتهاجا أيضا.
وقال وزير الخارجية الإيطالي: إن محاولات القذافي المستميتة لسحق الانتفاضة ضد حكمه أسفرت عن مقتل ما يصل إلى ألف شخص وقسمت ليبيا، فيما ذكر طبيب فرنسي أن عدد القتلى في بنغازي يصل إلى ألفي قتيل. وكتب محتجون على جدار أحد المباني أنهم كسروا حاجز الخوف ولن يتراجعوا. وقال ضباط جيش في مدينة طبرق شرق البلاد والذين ما زالوا يرتدون أزياءهم العسكرية لكن أعلنوا عدم ولائهم للقذافي: إن المنطقة الشرقية لم تعد تحت سيطرة الزعيم الليبي.
ونسبت صحيفة "قورينا" الليبية إلى مصدر عسكري قوله: إن طائرة تابعة للقوات الجوية الليبية تحطمت بالقرب من مدينة بنغازي بعدما خرج منها طياراها بالمظلات بعدما تلقيا أوامر بقصف المدينة. ونسبت الصحيفة إلى المصدر وهو عقيد في قاعدة جوية قريبة من بنغازي قوله: إن قائد الطائرة عطية عبدالسلام العبدلي ومساعده علي عمر القذافي قفزا بالمظلات من طائرة روسية الصنع من طراز سوخوي 22. كما منعت السلطات المالطية طائرة مدنية ليبية من الهبوط كانت تحمل ابنة القذافي.
وأعلن وزير الداخلية الليبي عبدالفتاح يونس العبيدي انشقاقه عن القذافي، داعيا الجيش إلى دعم الشعب ومطالبه المشروعة. وكان مساعد كبير لسيف الإسلام القذافي أحدث شخصية تستقيل وتعلن عدم ولائها للقذافي. وقال يوسف الصواني الذي كان المدير التنفيذي لمؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية: إنه قدم استقالته من مؤسسة القذافي يوم الأحد للتعبير عن استيائه من العنف.
وفي الوقت الذي هرعت فيه دول تربطها علاقات تجارية قوية بليبيا لإجلاء رعاياها وتسبب الخوف من المسلحين الموالين للقذافي في إخلاء شوارع العاصمة طرابلس، أصبحت فرنسا أول دولة تدعو لفرض عقوبات. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "أريد تعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع ليبيا حتى إشعار آخر". وفي واشنطن شدد البيت الأبيض على أن قوى العالم يجب أن تتحدث بصوت واحد إزاء "العنف المروع" في ليبيا. وفي الإطار نفسه قالت ألمانيا: إن النظام الليبي فقد الآن كامل شرعيته مع تزايد الأدلة على وقوع "حمام دم". من جهتها قالت وزيرة الخارجية الإسبانية ترينيداد خيمينيث: إن الزعيم السياسي الذي يقرر قصف مواطنيه يكون قد فقد كامل شرعيته في مواصلة قيادة بلاده.
وفي سياق متصل قالت منظمة الهجرة الدولية: إن رعايا من لبنان وتركيا وسورية وألمانيا انضموا للآلاف من التونسيين الذين يغادرون ليبيا عبر الحدود الغربية البرية فرارا من الأحداث هناك.
وأضافت المنظمة "رغم أن هناك عددا كبيرا من مصر وتونس والسودان وتشاد والنيجر وغرب أفريقيا والقرن الأفريقي هناك أيضا مهاجرون من أجزاء أخرى في البلاد من آسيا منهم فلبينيون وسريلانكيون وباكستانيون وصينيون وأشخاص من بنجلاديش".
إلى ذلك نجحت الخطة الأمنية لإجلاء نحو 100 شخص من مواطني السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي من ليبيا، حيث وصلت إلى السعودية أمس الطائرة الخاصة التي تولت نقلهم. وكانت الخارجية السعودية قد أعلنت عن إرسالها طائرة خاصة إلى ليبيا لنقل المواطنين السعوديين وعائلاتهم من ليبيا وعدد من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وتوجيه غرفة الطوارئ بالسفارة لضمان إنفاذ ما تقتضيه هذه التوجيهات.