افتخار كبير يشعر به المسؤول والمواطن والمقيم على ثرى هذه البلاد المباركة بنجاح موسم الحج المبارك؛ والحمد لله ـ سبحانه وتعالى ـ على إفضاله ـ الإفضال يعني الإحسان ـ ، والشكر لله ـ جل في علاه ـ على فضوله ـ فضل تجمع على فضول وليس أفضال ـ . وهو ما عبر به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، ـ حفظه الله ورعاه ـ مؤخراً: "..أنا واثق أن كل مواطن سعودي في هذا البلد يعتز ويفتخر بأن موسم الحج انتهى بأفضل ما يمكن أن ينتهي إليه الموسم..". ومن باب الخواطر العامة أذكر بعض التحديات مشفوعة بما أراه من بعض الحلول؛ التحدي الأول مسألة تصاريح الحج للمواطنين والمقيمين، وما صاحبها من كلام ديني وتعليق رسمي.. بلا شك الكل متفق على أن إخراج تصريح الحج لمن يرغب في أداء فريضة الحج واجب وطني، وعلى الكل ضرورة الالتزام به؛ ولكن استخراجه على أصحاب الدخل المحدود، والمداخيل البسيطة فيه معاناة كبيرة؛ فالحملات غالية، وأصحاب الشركات لهم مبرراتهم المنطقية وغير المنطقية.

بطبيعة الحال حرمان الناس من الحج ليس هو المقصود من طلب التصاريح، بل المقصود هو التنظيم وهذا أمر كما يقول العرب: "لا يشك فيه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان". ولأن أعداداً تحج بشكل (نظامي) من دون تصاريح مقيدة على رخص الإقامة أو بطاقات الهوية الوطنية، وأعداداً أخرى تتحايل بالنظام، وأعداداً إضافية يُتحايل عليها بغير نظام وغير ذلك؛ أصبح من المناسب التفكير في فتح المجال لمنح التصريح للراغب فيه، مع ضبطه إلكترونياً بالعدد والحجز المسبق ـ الأول فالأول ـ طالما توافر الارتباط الرسمي بحملة رسمية موثقة، وطالما أتم طالب التصريح إجراءات الوقاية الصحية اللازمة. ويتبقى بعد هذا مساعدة أصحاب الحملات فيما يكفل لهم تخفيض تكاليف الحج، وذلك بتخفيض مقام وزارة الحج لرسوم تأجير المخيمات لهم ـ الخيمة التي كانت تستأجر بمبلغ 1200 وصلت إلى 7500 ريال ـ وتسليم المخيمات لأصحاب الحملات مبكراً ليتم تجهيزها بتكاليف معقولة، وبطريقة مناسبة.

التحدي الآخر هو التفكير في توسيع بناء المباني السكنية في مشعر منى؛ فالأبراج الستة الموجودة اليوم أثبتت نجاحاً ملحوظا. ولعلي لا أذهب بعيداً وأنا أطالب مجدداً بالتفكير في البناء في مشعر منى خاصة وأن هيئة كبار العلماء الموقرة قد ناقشت قبل حوالي أربعين عاماً تقريبا ـ 1394هـ ـ هذا الموضوع، وخلص المشايخ الفضلاء أعضاء الهيئة بالأكثرية إلى أن سفوح جبال منى غير صالحة في الغالب لسكنى الحجاج فيها أيام منى، وأنه يمكن للدولة أن تستغل هذه السفوح بطريقة تحقق المصلحة العامة، ولا تتعارض مع العلة في منع البناء في منى، وأجازت الهيئة بناء مرافق عامة على أعمدة في سفوح الجبال المطلة على منى على وجه يضمن المصلحة للحجاج، طالما أن ما تحتها سيبقى مُناخاً لمن سبق إليه، ولا يعود على حجاج بيت الله الحرام بالضرر. ولعلي في هذا الصدد ألفت الانتباه إلى ختام ذلك القرار وفيه :"أي مقترحات تحقق النفع والمصالح، وتدفع المضار تحال إلى المختصين للدراسة، وتقرير ما يحقق المصلحة". اليوم وقد زاد العدد، وظهر تأثير الحيز المكاني بشكل واضح أصبح التفكير في البناء في منىً بسفوحها وباطنها بالطريقة الأفقية أمراً يحقق المنافع ويدفع الأضرار.. "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً..".