لم ينتبني قلق في يوم من الأيام في موضوع تعاقب السلطة في القيادة السعودية، رغم اللغط الكبير الذي دخل فيه البعض خارج الوطن، وهو لغط لا مبررله، ويقع فيه البعض لعدم معرفتهم الجيدة بالقيادة السعودية والتي سارت على طريق مؤسسها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه. ومن يتابع انتقال السلطة والقيادة منذ وفاة المؤسس يلحظ أن هناك مبادئ وأسسا التزم بها أبناء المؤسس، ولم يشعر شعب هذا الوطن بأي قلق بعد وفاة الملوك السابقين ـ رحمهم الله ـ الذين اتخذوا قرارات صائبة وحكيمة في اختيار القيادات المسؤولة من أمراء وعامة الشعب، وتفخر بلادنا ببعض القيادات التي أسهمت في بناء هذا الوطن ورسخت أمنه واستقراره وعملت مع جهود الرجال المخلصين في الوطن لحماية شعب وتراب الوطن من غدر الحاقدين والحاسدين لهذا الوطن وشعبه وقيادته. ومن أبرز القيادات السعودية التي تصدت للإرهاب الذي واجه المملكة في فترة ماضية وهدد أمنها واستقرار شعبها والذي عانى الوطن من آثاره وتبعاته.. كانت قيادة الأمير نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صمام أمن الوطن وميزان استقراره الذي استطاع وبجدارة متميزة وبشهادات عالمية أن يحارب الإرهاب والإرهابيين في المملكة بخطط استباقية حالت دون وقوع كوارث جسيمة على الشعب ووطنه، واستطاع أن يعالج الفكر الضال بأسلوب حضاري استخدم فيه جميع الوسائل والإمكانات والكفاءات المتخصصة وعلى رأسها نخبة من العلماء والفقهاء الذين شاركوا في برامج المناصحة لأبنائنا وإخواننا الذين انجرفوا خلف الفكر الإرهابي الضال. وبالفعل استطاعوا أن يصححوا مفاهيم خاطئة اندست لدى فكر فئة من الشباب السعودي وغير السعودي.

إن سياسة الشفافية التي استخدمتها وزارة الداخلية في الإعلان والإعلام عن قضايا الإرهاب والإرهابيين دفعت أبناء الوطن إلى التعاضد والتكاتف مع قيادتهم لمحاربة الإرهاب والعمل يداً واحدة لحماية وطننا الغالي.

إن نجاح وزارة الداخلية بجميع أجهزتها حافظ على تصنيف المملكة ضمن الدول المتقدمة التي تحافظ على أمن واستقرار سكانها وبلادها وهي حقيقة عشناها ونعيشها اليوم جميعاً.

ودون الأمن والاستقرار لا يستطيع أن يحقق اقتصاد بلادنا أي درجات نمو ملحوظة ولا يستطيع القطاع الخاص، تجارا وصناعا أن يحققوا نجاحات متقدمة في أعمالهم أو أرباحهم. ودون الأمن والاستقرار لا يستطيع سكان هذا الوطن أن يضمنوا حياة آمنة في منازلهم وشوارعهم وأسواقهم ومؤسساتهم التعليمية، ودون هذا الأمن لا يستطيع حجاج بيت الله والمعتمرون وزوار المقدسات أن يضمنوا لأنفسهم أداء فرائضهم ومناسكهم بأمن وسلامة. إن الملايين من المسلمين من داخل وخارج هذا الوطن يقدمون كل عام ويعودون لأوطانهم بأمن وسلامة مستمتعين بحالة استقرار يفتقدها البعض في أوطانهم.

نعم، إن مهمة الحفاظ على أمن واستقرار سكان هذا الوطن هي من أكبر المهمات التي تحرص عليها القيادة السعودية. وإن قائداً أميناً يحفظ هذه المهمة هو جدير بالقرار الحكيم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ في تعيينه للأمير نايف ولياً للعهد ليكمل مسيرته في حفظ أمن واستقرار هذا الوطن ورعاية مواطنيه والمقيمين فيه، فهو الخيار الذي سيحقق طموحات أبناء هذا الوطن وسيعمل على استكمال مسيرة البناء والتطوير.

فالأمير نايف رجل المهمات الصعبة عرفناه منذ زمن طويل، حازما في إدارته وهي صفة من صفات القائد الناجح، وعرفناه أباً عطوفاً على أبنائه من شعب هذا الوطن وهذه صفة الأب القائد، وعرفناه ملتزماً بتطبيق شرع الله وسنة نبيه، محافظاً على عقيدته، متحلياً بخلق عظيم، محافظاً على عادات وتقاليد وطنه وهذه من أهم صفات القائد المسلم.. يستمع إلى الحوار العقلاني، وينصت للرأي الآخر ويحترم رجال العلم والفكر والثقافة ويخصهم ببعض من وقته.

أما القرار الحكيم والصائب الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين في صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك هو قرار تعيين الأمير المبدع عميد أمراء المناطق سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع تتويجاً لقصة نجاح خلال خمسين عاما استطاع أن ينقل فيها العاصمة الرياض من قرية وسط الصحراء على هضاب نجد إلى عاصمة ضمن أشهر عواصم العالم، تخطيطاً وتنسيقاً ومعماراً، إذ استطاع سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلال فترة إمارته لمنطقة الرياض أن يقدم أنموذجاً متميزاً للعاصمة السياسية التي قدمت للعالم من خلال معارض المملكة بين الأمس واليوم وكانت مكان إعجاب السياسيين والمخططين في مختلف أنحاء العالم. ولم يكن بناء العاصمة الرياض خاصاً للسكان الأصليين من أبناء الرياض فقط وإنما كان التخطيط لأن تستوعب جميع أبناء الوطن وهم الأكثر تعداداً اليوم نظراً لارتباطهم بالعمل لدى القطاعات الحكومية المختلفة وبالأعمال الخاصة.

لقد كان اختياراً موفقا للأمير سلمان، صديق المثقفين وأستاذهم، الإداري المتميز، صاحب الساعة العسكرية في الانضباط، وصاحب الوقفات الإنسانية في العمل، التي يشهد له كل عمل إنساني في المملكة وفي العاصمة الرياض على وجه الخصوص. راعي تدوين تاريخ الجزيرة والمملكة ومدنها المقدسة، مؤسس دارة الملك عبدالعزيز وصاحب فكر تدوين وفهرسة الكتب والمؤلفات في المملكة من خلال رعايته لمكتبة الملك فهد والتي تصنف كأحد أهم المكتبات العربية.. قرارات حكيمة في اختيار رجال مخلصين من أبناء القائد المؤسس تؤكد لنا أن خادم الحرمين الشريفين صاحب قرارات حازمة تحقق مصلحة الوطن.

إن مبايعة أبناء هذا الوطن لولي عهدهم الأمير نايف بن عبدالعزيز هي مبايعة صادقة وأمينة للحفاظ على هذا الوطن، وإنها مسؤولية كبيرة تتطلب منا جميعاً دعمه ومساندته، كل من موقعه، سواء أكان متقاعداً أم موظفاً أم رجل أو سيدة أعمال أو شابا وشابة، فالمسؤولية حمل ثقيل ندعو الله بالتوفيق لمن يحملها ويحافظ عليها.

إنها تجربة تؤكد نجاح هذه القيادة في إنشاء هذا الوطن وإدارته والارتفاع به من وطن ممزق منقسم، أبناؤه متصارعون على حدود قراهم ومزارعهم ومراعيهم إلى وطن واحد تجمعهم قيادة واحدة ومصلحة واحدة، توزع خيراته على جميع مناطقه ومدنه وقراه وهجره لا فرق بين أبناء شرقه ووسطه وغربه وشماله وجنوبه. بالوحدة استطعنا بناء وطن نفخر به، وبالوحدة سنعمل على المحافظة عليه والرقي به.