تضاربت الأنباء حول المكان الذي لجأ إليه الزعيم الليبي معمر القذافي للتخفي أمس، بعد أن سقط المزيد من المدن الرئيسية بيد المتظاهرين المطالبين بتغيير النظام، وانتقال المواجهات إلى العاصمة طرابلس وورود معلومات عن استخدام النظام لسلاح الطيران في قمع المحتجين.
وفي الوقت الذي هبطت طائرات عسكرية ليبية في مطار فاليتا بالعاصمة المالطية ، نفى الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز لجوء العقيد القذافي إلى كراكاس , فيما شهد النظام الليبي انهيارا من داخله، حيث قدم وزير العدل استقالته، وكذلك عدد من الدبلوماسيين في عدد من العواصم العالمية احتجاجا على القمع الذي مارسته السلطة ضد المتظاهرين.
وفي ظل التصعيد الذي تشهده ليبيا وسقوط أكثر من 400 قتيل في المواجهات حسب المصادر الحقوقية الدولية، بدأت الأوضاع في البحرين تنحو باتجاه الهدوء بعد أن أرسى ملك البحرين أسس الحوار مع المعارضة، وبدأت تباشيره تلوح في الأفق وسط تسريب معلومات حول المنطلقات التي سينحوها.
وبالتزامن مع التصعيد الذي بدأته المعارضة اليمنية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وانضمام المتمردين الحوثيين إلى المطالبة بإسقاط نظامه، جدد صالح العرض الذي تقدم به منذ أسبوعين للحوار مع المعارضة ، لكنه رفض التنحي عن السلطة إلا عن طريق صناديق الاقتراع .
وقال في تصريحات أمس "يطالبونني بأن أرحل، وإذا أرادوني أن أرحل فلن أرحل إلا عن طريق صناديق الاقتراع".
انتقلت المواجهات في ليبيا إلى العاصمة طرابلس،وذلك فور تهديد نجل العقيد الليبي معمر القذافي بحرب أهلية في البلاد، فيما سقطت عدة مدن ليبية بينها بنغازي وسرت بأيدي المتظاهرين إثر عمليات فرار من الجيش، في وقت أكد الاتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان أن حوالي 400 قتيل سقطوا منذ بدء الانتفاضة يوم الخميس الماضي.
إلى ذلك، قال ناشط سياسي إن طائرات حربية تقصف مدينة طرابلس. وأوضح عادل محمد صالح الذي يقيم في طرابلس أن ما تشهده المدينة اليوم أمر لا يمكن تخيله فالطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر تقصف منطقة بعد أخرى بلا تمييز، وهناك عدد كبير من القتلى. وأضاف صالح الذي وصف نفسه بأنه ناشط سياسي أن القصف استهدف في بادئ الأمر جنازة. وقال إن المواطنين يموتون واصفا ذلك بسياسة الأرض المحروقة. ومضى يقول إن الطائرات تعاود القصف كل 20 دقيقة.
كما أخلت الشرطة مدينة الزاوية (60 كلم غرب طرابلس) التي غرقت في حالة من الفوضى، كما قال عدد من التونسيين الذين وصلوا أمس من هذه المدينة إلى بنقردان التونسية القريبة من الحدود بين البلدين.
وشهدت طرابلس اشتباكات عنيفة فجر أمس، أسفرت عن مقتل61 شخصا، عقب الخطاب الذي ألقاه سيف الإسلام القذافى. ونهب متظاهرون مبنى تلفزيون وإذاعة حكوميين في العاصمة حيث أحرقت أيضا مراكز للشرطة ومقرات للجان الثورية. وقال أحد الشهود إن "مبنى يضم قناة الجماهيرية الثانية وإذاعة الشبابية تم نهبه".
كما أكد أحد سكان طرابلس أن مبنى "قاعة الشعب" الذي تجرى فيه غالبا الفعاليات والاجتماعات الرسمية تم إحراقه أيضا. وسمع إطلاق نار كثيف في العديد من أحياء العاصمة حيث دارت أيضا مواجهات بين متظاهرين موالين للنظام ومعارضين له.
وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش في حصيلة جديدة أمس أن 233 شخصا على الأقل قتلوا في ليبيا منذ الخميس الماضي، مشيرة إلى أن 60 قتيلا سقطوا أول من أمس في مدينة بنغازي وحدها.
وكان سيف الإسلام القذافي أكد في كلمة عبر التلفزيون فجر أمس أن والده سيحارب ثورة شعبية حتى آخر رجل، في محاولة لتهديد وتهدئة الناس. وقال "لن نفرط في ليبيا سنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة وآخر طلقة ولا يمكن أن نترك بلادنا". وأكد أن الشعب الليبي أمام خيارين إما الدخول في حوار وطني أو الاحتكام إلى السلاح إذا استمر الوضع كما هو في بلاده، وأنحى باللائمة على منفيين ليبيين في تأجيج أعمال العنف، مؤكدا أن ليبيا ليست مصر أو تونس وأن انتشار الفوضى سيكون أسوأ ألف مرة من البلدين.
ودعا إلى البدء في حوار وطني بشأن دستور ليبيا، كما حذر الليبيين من خطر استعمار بلاده إذا لم تتوقف الاحتجاجات، مؤكدا أن الغرب لن يسمح بالفوضى أو تصدير الإرهاب أو إقامة إمارات إسلامية في ليبيا.