اعتدنا منذ مدة، على ظاهرة جديدة علينا نوعا ما، لكننا سرعان ما ألفناها لتكرارها، فكلما سقط أو أسقط أحد الرؤساء، خرج للإعلام سائق الرئيس أو طباخه أو خادمه ليتحدث بشكل يدعو إلى الخجل أحيانا، عن أخص خصوصيات هذا الرئيس أو ذاك وكأنه كائن قادم من كوكب آخر، ما يحب وما يكره وماذا يعمل قبل النوم وبعده، وماذا يأكل وماذا يشرب، وكل ما استطاع هذا الخادم الاطلاع عليه من أسرار مخدومه بعد زوال حرمته كما قال المثل الشعبي القديم (لا طاح الجمل، كثرت سكاكينه)، هذا على اعتبار أن الرئيس المخلوع جمل بالفعل، وليس جرذا أو أرنبا أو حتى أسدا، وأنا وإن كنت أمقت مثل هذه السلوكيات لأسباب إنسانية بحتة، فهذه المعلومات التي يدلي بها هؤلاء الأشخاص لا دور لها في تعزيزالنصر، ولا مساعدة المنتصرين، وإنما هي فقط لاستباحة حرمة المخدوم، والتشفي منه دون فائدة ترجى سوى الظهور الإعلامي لأشخاص مغمورين وجدوها فرصة لرؤية النور.

لكن ما لم نحسب له حسابا أن تخرج علينا شخصية سياسية بثقل وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس لتتحدث بما كتمته في حياة القذافي لتكشفه لنا بعد موته، فهو كما قالت كتب لها أغنية في أحد الاجتماعات وأهداها إياها، وأبدى إعجابه بها كوردة سوداء في البيت الأبيض، وعرض عليها بعض الفيديوهات الخاصة بها، وقال لها الكثير من الكلمات التي تدور حول إعجابه العارم بها. وهذا الأمر يقودنا إلى تساؤلات كثيرة: لماذا لم تخرج المرأة (كونداليزا رايس) بهذا التصريح في حياة القذافي؟ ولماذا انتظرت حتى موته؟ ترى هل كانت تبادله الإعجاب ذاته؟ أم كانت تعتز به؟ خاصة بعد أن عثر الثوار على ألبوم صورلـ (كاندي) كما كان يسميها القذافي، في غرفة نومه، ثم هل اجتماعات الرؤساء والوزراء والوزيرات، والتي يترقبها العالم وتتبادل نتائجها المتوخاة كل وسائل الإعلام، هل تملك كل هذه المساحة من العبثية؟ والتي أعلنتها كونداليزا رايس بكل بساطة؟ وماذا عن اجتماعات صغار المسؤولين؟

الإجابات شائكة بالطبع، والتعميم غير وارد، لكن السؤال المشروع الآن لكل المجتمعين، ترى، ماذا تعملون في اجتماعاتكم؟