ما زال الجدال قائما بين من يتبع النصوص الواضحة والتيار العلماني أو الليبرالي، فبينما تبني الفئة الأولى أحكامها على نصوص مقدسة زرعت في وجدان الناس عبر السنين، نجد الفئة الأخيرة تطالب بالتحديث وبتغيير التشريعات وتخطي هذه الحدود دون أن يجرؤوا على طرح مبررهم العقلي الذي استندوا إليه. ولنأخذ مثالاً هو طلبهم بسن تشريع يجرم زواج الصغيرات دون أن يخبرونا ما الفعل بكل الموروث الواضح بهذا الشأن، كما لخصه لي أستاذ في الشريعة كالتالي:

يجوز للولي تزويج طفلته وفي القرآن الكريم نصان: الأول يتضمن عدة المطلقة غير البالغة والثاني وجوب إيتاء اليتيمة مهرها كالبالغة، وهنا نجد تحليلا ضمنيا لزواج الصغيرات. أما السنة الفعلية فقد أوردت زواج الصغيرات بلا غضاضة فقد تزوج خير الأنام من عائشة وهي في السادسة وتزوج الصحابة ومنهم الفاروق رضي الله عنه بحفيدة الرسول وهي في الحادية عشرة من العمر وقد تخطى هو الخمسين وعليه سار التطبيق عبر الأقطار والأزمنة الإسلامية.

وماذا عن الاجتهاد؟ الاجتهاد يأتي حول ما لم يرد فيه نص ولبعض الحالات الطارئة قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منا فهو رد"، أي مردود عليه، فنحن لا نحدد سن المرأة للزواج وهذا ليس منا. واجتهاد الفاروق في حد السرقة كان فترة المجاعة وعاد الحكم مرة أخرى بعد زوال السبب. فالاجتهاد أمر وتعطيل حكم الله أمر آخر. والآية تقول: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" فهذه الآية نزلت في اليهود لكن معناها يشملنا كمسلمين فالله لن يكفر اليهود لأنهم حكموا بغير حكمه ويقبل منا نحن نفس الخطأ. والقاعدة تقول العبرة بعموم النص لا بخصوص اللفظ" . ولنتذكر أننا مطالبون بالخضوع المطلق "ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"

والعلة المدعاة في زواج الصغيرة هي الضرر على جسدها، فهل جسد الفتاة تغير خلال ألف سنة، بالطبع هذا غير صحيح لأن تركيبة جسد الإنسان لا تتغير بمرور ألف.

الإسلام إطار كامل للحياة كما نصت الآيات والله الأعلم بأن الصغيرة صالحة للزواج. وتذكروا قوله تعالى: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب عظيم" وقد غضب الله من سلوك اليهود الانتقائي لتشريعاته وجزاهم بالخزي وأشد العذاب كما نصت الآية فهم لنا عبرة وعظة.

المهم أن ما يجب علينا فعله هو الحرص من رجاحة عقل الزوج في حالة زواج الطفلة أكثر من حال زواج البالغة لأن الطفلة تظل مهيضة الجناح.