سوف أحدثكم أولاً عن المشكلة ثم أدلف إلى الموضوع..في اللقاءات والمؤتمرات التي سنحت لي الفرصة للمشاركة فيها وجدنا من أقام الحجة علينا كمسلمين من بعض من يتحدثون عن الإسلام والمسلمين بما ليس فيهم وذلك بأن ما كتبوا منقول من المصادر المتوفرة.. وليس بقصد الإساءة للإسلام والمسلمين..ومن أولئك دورنشرالمقررات المدرسية في أوروبا في أحد مؤتمرات اليونسكو الذين حمّلوا المسلمين أنفسهم مسؤلية ما يكتب عنهم.والواقع أن في هذا الكلام بعض الحقيقة إذا لم يكن جل الحقيقة دون أن أغفل معرفة أن للإسلام أعداءً يسعون بشكل منظَّم ومخطط ومتعمد للإساءة إليه. إذن، فنحن أمام مشكلة وجود وثائق مكتوبة بعناية عن الإسلام أولاً ومترجمة لكل اللغات الحية ثانياً والسعي لوصول رسالتها لكل من يجب أن تصل إليه من دور نشر المقررات المدرسية في جميع أنحاء العالم والمشاركة بها في المؤتمرات والمعارض العالمية واختيارمن يحسنون الحديث لعرضها والكتابة عنها. وهذه جهود تحتاج إلى عمل مؤسسي منظم يعمل به أكفاء وله ميزانية مستقلة ويتم تقييم عمله بشكل دوري نصف سنوي أو سنوي.
أما وقد قدمت لهذا الموضوع فإننا الآن أمام معرض هام عن الحج سيقيمه المتحف البريطاني في لندن بعنوان "الحج: رحلة إلى قلب الإسلام" في الفترة من 16 يناير إلى 25إبريل 2012م أي لفترة تزيد على ثلاثة أشهر. والسؤال الذي يطرح نفسة وعلى ضوء المشكلة التي عرضتها وفي ظل الهجمات الشرسة غير العادلة على ديننا، السؤال هو:كيف يمكننا استثمارهذا المعرض ليس فقط للحديث بعموميات وبسرد قصص جميلة عن الإسلام (هذا شيء جيد لكنه لا يكفي) لكن التعرف على القضايا التي يهاجم بها الإسلام: التعرف عليها ومصدرها ثم الرد عليها بشواهد وأدلة وأمثلة لإضعاف حجة المهاجمن ودحض ادعاءاتهم وبشكل علمي، فليس هناك أصدق من حديث مدعم بالبراهين والأدلة والشواهد. لا بد من الإشارة إلى المهاجمين والقضايا الجدلية التي طرحوها وإضعافها.
هناك الكثيرون في الغرب من الموضوعيين والباحثين عن الحقيقة وُيضللون بأعمال استطاع أصحابها النجاح في الوصول إليهم وإقناعهم بها والمُضللون ليسوا مسؤولين عن التحقق مما يصل إليهم طالما أنه وصل إليهم بشكل منظم ويبدو في ظاهره أنه موضوعي وعلمي..والمشكلة أن الناشطين الذين أوصلوا لهم الرسالة ماهرون وخبراء ومؤهلون ويقابل ذلك جهود متواضعة وأحياناً فردية وتخلو من خططٍ جيدة تكفل وصولها بل إنها في بعض الأحيان من الضعف بحيث يمكن دحضها ولا مدافع عنها.. هؤلاء النشطاء بخططهم المنظمة وأعمالهم الدؤوبة استطاعوا الوصول إلى برلمانات واستصدار قرارات تدعم وتؤيد ما يذهبون إليه..هل نحن من الضعف وقلة (الدبرة) بأن يكون أولئك أفضل منا في وصول رسالتهم الباطلة بنجاح وفشلنا في وصول رسالتنا الصحيحة الحقة العادلة؟ من هذا المنطلق نقررأن هناك إخفاقا من نوع ما في جهودنا.. وإذا حق لنا مناقشة هذا الإخفاق فيمكننا طرح بعض الفرضيات لمناقشتها ومعرفة أين كَمَنَ نجاح أولئك وأين مكمن إخفاقنا؟ غالب الظن أن أولئك نجحوا لأن هناك جهة واحدة حُمّلت المسؤولية ولها الحق بالاستعانة بمن ترى.. ولعله من الواضح أن جهودنا مبعثرة بين عدد من المنظمات والمؤسسات التي لا تنسيق بينها وفي بعض الأحيان قد تكون رسائلها واهتماتها مختلفة لا، بل ومتناقضة..ومن هذا المنطلق فإنه من الذكاء ألا نظل كذلك وقتاً أطول من الوقت الذي سبق، وأن تسعى المنظمات للملمة جهودها وتوحيدها وإعداد أعمال تتمثل في وثائق مكتوبة ومصورة تبحث بشكل علمي جيد للرد على كل ما هو مطروح من ناحية وللتعريف وكشف حقيقة الإسلام من ناحية أخرى.. هل سأفاجئكم إذا قلت لكم إننا التقينا ببعض الفئات التي تعتقد أن كل مسجد محاط بمتمنطقين بأحزمة ناسفة ينتظرون دورهم للمساهمة في مكان ما..والتقينا ببعض الذين يظنون أن كل معلمينا يدرِّسون كراهية الآخرين ممن لم يدينوا بالإسلام.. إن فرصة معرض الحج الذي سيقام في المتحف البريطاني في لندن وأمثالها من الفرص من الندوات والمؤتمرات يجب ألا تمر دون التخطيط بعناية للاستفادة منها للتعريف بالحج بشكل خاص واستثمارها للتعريف بالإسلام بشكل عام..التخطيط يعني أن يكون هناك محتوى أعد بشكل جيد على شكل مطبوعات معدة إعداداً علمياً جيداً وافلام تم عملها بشكل احترافي وعروض ومحاضرات وندوات وحلقات نقاش تتناول القضايا التي تثار ضد الإسلام ويتم دحضها بالشواهد والأدلة..وقت المعرض طويل واستثماره فرصة ممتازة يجب عدم تفويتها. وقد يكون تفويتها في الإعداد الهزيل وتكليف غير مؤهلين وعدم دراسة ما يجب أن يطرح فيه بعناية.
خلاصة القول أن أمامنا طريقا طويلة ليس باستثمار ما نُدعى إليه من معارض ومؤتمرات بل نخطط للفرص التي تصل برسالة حقيقية عن الاسلام إلى كل من يجب الوصول إليه.