يأتي عيد الأضحى كل عام، ليُطل برأسه علينا ويدق أبوابنا ويزورنا سريعا؛ يحمل في جعبته الكثير من الفرح وأيضا الأسئلة عن حالنا ومعاشنا؛ هل تغيرنا أم نحن كما نحن حين تركنا العام الماضي على حالنا؟ إن تغيرنا فما الذي غيرناه في حياتنا ومسيرتنا؟ هل مجرد ملابس جديدة ارتديناها هذا العيد كما العيد الذي مضى والذي قبله؛ فلم يكن سوى شكليا يلامس مظهرنا وأطفالنا؟ أم أننا ارتدينا ثياب الوعي والتفكير وطورنا ذلك المخزون داخلنا قراءة وفعلا وسلوكا، وغيرنا السالب إلى موجب في حياتنا؛ هل روضنا تلك الأنا المتعصبة داخلنا؟ لترتدي حلة جديدة من الوعي والتفاؤل والتسامح؟ من قاطعنا من الأصدقاء والأقارب في لحظة غضب شيطانية ويجب أن نبادر بالصلح؟ هل قمنا بواجبنا تجاه أمهاتنا.. آبائنا.. أخواتنا البنات.. إخواننا؟ أم أنستنا الأنا هؤلاء! هل تأثرنا بأحدهم أم أثرنا نحن في أحد ما؟ هل نسعى لرضا أنفسنا أم رضا الآخرين علينا؟ ما الذي يجب أن نغيره في حياتنا؟ وما الذي يجب أن نعتذر عنه؟ وما الذي يجب أن نبقيه وأن نطوره العام القادم؟ هل وصلنا لتلك المرحلة من الصفاء والنقاء والرقي؟ أم هناك ما يعكر الوصول ويحتاج للتهذيب ؟ وهل.. وهل.. إلخ؟
هكذا يأتي العيد سريعا ويمرّ من هنا سريعا ولكن أسئلته يجب أن لا تمرّ سريعا من على أبوابنا؛ فنحن حتما نحتاج إلى إعادة النظر في حياتنا.. أحلامنا.. أسئلتنا.. وعينا.. وكل عيد أضحى وأنتم أكثر فرحا ورقيا وصفاء.
فلاش باك:
قد تنسينا أفراح العيد أحزان إخوة وأبناء لنا في الوطن لا يستطيعون الفرح معنا أو على الأقل كما نفرح نحن؛ وأخص هنا الذين يعانون أو أحد أفراد أسرتهم أو أطفالهم من أمراض خبيثة أو أمراض عضال تستنزف الوقت والأمل والمال والفرح؛ ولا أعلم هل حاولنا نحن المتعافين أن ننفض بعض التعب عن وجوههم ونعينهم على هذه المعاناة؛ إن لم نحاول أتمنى أن نفعل، خاصة لو كنا نعرف هذه العائلة أو هذا الشخص الذي يعاني ونكون سببا لفرح الآخرين بالعيد! وهنا أذكر الأخ المواطن المتقاعد محمد العلاقي الذي نشرت جريدة سبق قصة حادث ابنته الوحيدة، الذي حولها من عروس عشرينية إلى مقعدة مصابة بشلل رباعي؛ هذا المواطن الصابر يطرق كافة السبل ويحمل معه همه وصبره لكي يعالج زوجته المصابة بالسرطان والآن ابنته التي أخبره الأطباء أن هناك علاجا لها يحسن من حالتها في دولة "التشيك"، وقد راسلني على صفحتي بالفيس بوك وأخبرني أنه إلى الآن بدأ الانتظار يتعب منه وهو ينتظر أحد الكرماء من هذا الوطن ليعنيه على علاج ابنته الوحيدة؛ خاصة أن معاش تقاعده يستنزف في علاج زوجته المصابة بالسرطان؛ فهل من أذن صاغية لمعاناة هذا المواطن؟ أتمنى ألا يُنسينا الفرح واجبنا تجاه إخوتنا؛ وواجب المسؤولين خاصة في وزارة الصحة والهيئة الطبية.
أخيرا؛ أسأل الله أن يفرج همه ويشفي زوجته وابنته؛ ويشفي إخوتنا وأبناءنا ممن ابتلوا فكانوا من الصابرين المحتسبين.