استوقفني خبر إتاحة موقع "اليوتيوب" خدمة البث المباشر لعملاء "موثوق بهم" كما ورد بالخبر، وتتيح هذه الخدمة للمستخدم إمكانية بث أي حدث بشكل "مباشر" على الموقع ليتابعها العالم.
خبر آخر استوقفني أيضا عن إحدى القنوات التي بدأت في استخدام تقنية حديثة للبث، عبارة عن جهاز إرسال يحمل على الكتف، يبث ما تلتقطه الكاميرا مباشرة إلى المشاهدين.
وشاهدت مؤخرا فيلما عن أحد إصدارات أجهزة الاتصالات الحديثة التي ستصدر قريبا، والتي حولت مشاهد مبهرة وردت في أفلام الخيال العلمي بهوليود إلى واقع، ومنها مشهد البطل القادم من الفضاء الذي يكتب ويستعرض الصور والمعلومات على الهواء، وكأن الفراغ أصبح شاشة كمبيوتر، في هذا الجهاز الجديد بوسع المستخدم تحويل الكيبورد والصور إلى طيف خارجي يظهر على المكتب أو الهواء، وغير ذلك الكثير من منتجات التقنية العجيبة التي تتقدم وتحاصر الإنسان في الزاوية.
إنها التقنية المدهشة التي تتطور كل يوم، بل كل ثانية، وتضعنا في عالم اللامعقول. لقد أعادت التقنية تعريف الإعلام، فبعد أن كان العمل في الإذاعة والتلفزيون يستلزم إمكانات مادية ضخمة، واشتراطات محددة وإجراءات، وتصاريح، تحول كل الناس إلى إعلاميين، وبات بوسع أي شخص أن يعد مادته الإعلامية بجهاز الجوال وينشرها في الحال دون رقيب أو حسيب.
كان البث الإذاعي والتلفزيوني إلى وقت قريب يستلزم عربات خاصة تتحرك، وتقف بجوار مكان البث سواء أكان استاد كرة أم قاعة للمؤتمرات. اليوم أصبح البث المباشر متاحا للجميع، لا يحتاج الأمر إلا لجهاز محمول خطير اسمه "الجوال". وبدأ عصر إذاعات الإنترنت وتلفزيونات التي يتم إنشاؤها في غرفة متر × متر، وبدأت تستقطب الآلاف من المستمعين والمعلنين.
لقد تحول الإنسان إلى جهاز بث متحرك، ورغم أنه لم يدرس في كليات الإعلام ولم يعرف نظريات الرأي العام المعقدة، تفوق وأصبح مرجعا للقنوات الفضائية الشهيرة، التي أصبحت تأخذ عنه تقاريره العشوائية العفوية المدهشة وتبثها إلى المشاهدين.
لقد غيرت التقنية مفهوم الإعلام، وحولت الإنسان إلى كائن فضائي وستغير أشياء كثيرة في حياتنا. لذلك يجب أن يستعد البشر لدخول عالم جديد أقرب للخيال العلمي.