أن يحصل واعظان شهيران على أكبر نسبة متتبعين في تويتر ضمن سباق الوعاظ الذي حظي به موقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، لا يُظهر لنا من حيث المعنى إلا أن هناك المزيد من الغرق في الهامش.

ليس أكثر من أن هناك عالقين لا يريدون الشفاء من عتمة الهوامش والأتباع، عالقون لا يجيدون قراءة التاريخ بما يكفي، ولا يستطيعون التحديق في الضوء بما يكفي، كل ما يملكونه هو السير ضمن الجموع. كل تلك الأرقام التي هي لبشر حقيقيين محسوبين على الشارع التويتري في نهاية الأمر هم اختاروا أن يظلوا مجرد أرقام، وليس من مسميات كثيرة يمكن أن نطلقها غير أنها في مجملها تتلخص في كونها "متلازمة القطيع" ومعرفتها وفهمها سيخفف علينا وقع الدهشة بكل هذه الأرقام المتتبعة، والتي تجيد التحلَق حول شخص ما هو منطقة راحة فكرية بالنسبة لهم، مكتفين بأن هناك من يفكر نيابة عنهم، ويمدهم بما لديه وبالضرورة سيبتهجون بكل ما يتلقونه وحسب.

لم يستيقظ الهامش بما يكفي، هذا هو المعنى الحقيقي لكل تلك الأرقام البشرية، فهي ظلت في "الشارع التويتري" شغوفة بهامشها، فالهامشيون يتحلقون حول رموزهم ولا ينظرون إلى الأعلى، هكذا لأنهم لا يجيدون التفكير بمفردهم، لا يجيدون اختراع طرق أخرى ليسلكوها باتجاه آخر.. كل هذا يفسر تحلق كل المغردين التويتريين حول "الشيخين". ويظل السؤال ما معنى أن تخرج لفضاء مفتوح "وعوالم افتراضية" فتعود إلى سد كل النوافذ والإبقاء على ذات النافذة التي تطل على ذات الأشياء والأشخاص. أليس هذا هامشاً آخر؟!.

لنحترم هذه الرموز ونبقي لها منابرها، ولكن ليس للحد الذي نصنع لهم منابر جديدة نتحلق حولها، فلسنا مجبرين أن نكون نحن أيضا ذات الأشخاص في كل العوالم والإمكانات المتاحة.

"تويتر" أشبه بشارع ليس له أرصفة أو أبواب، مدن بلا حراس وناس بكل الأجناس، مكان حكايته أشبه بـ"افتح ياسمسم" .لا نريد أن نفتحه بكلمة السر التي أصبحت مباحة لنجد فيه ذات القصص التي غادرناها، لأنه لن يكون وقتها مكاناً للكنز. "تويتر" ببساطة مكان يمثل الكل، المهمشين، والنخبة، الصغار، والكبار، المكان الاستثنائي الذي ليس فيه تراتبية التلميذ والشيخ، والمرأة والرجل، والغني والفقير، الكل يستطيع أن يدون فيه ما شاء، ويتبع ما شاء، لكن المدهش أن يصبح نسخة عن الواقع لسباق الشيوخ والمريدين. لقد بان لنا الوقت لنقول كفى. يا أيها الهامش استيقظ واسلك طريقك في اتجاه آخر ولو لمرة واحدة، فالرحلة قصيرة.