متى نفرح؟ يلوح لي هذا السؤال كلما حلّ عيد، وبدأت الفضائيات والإذاعات تصدح بالأغاني المفترض أنها للعيد، فالملاحظ أنه لا شيء ينتابك حينما تستمع لأغنية عربية للعيد غير الحزن والشجن.

الأعياد تلك الفرحة المرسومة على شفاه الأطفال، والبهجة التي ينتظرها المسلمون مرتين في العام، لم تجد نصيبها الذي تستحقه - فنيا - من الفرحة والبهجة، ولم يعبر عنها كما يجب.

مسحة الحزن الطاغيـة في أغاني العيد تصوره لنا وكأنه لا يذكرنا إلا بالغائبين، ولا يذكي في أرواحنا سوى الحنين لمن فقدناه، بينما المفترض أن نفرح، ونفرح فقط، أو – على الأقـل - نحـاول أن نكون كذلك.

ستجد مشقة كبيرة في البحث عن أغان مبهجة للعيد، وستشعر أن كآبة العالم تتلبسك وأنت تستمتع لأم كلثوم وهي تغني "يا ليلة العيد آنستينا.. وجددتِ الأمل فينا"، ويكاد محمد عبده أن يبكي وهو يقول "ومن العايدين ومن الفايزين.. أحباب أحباب.. أخوان أخوان.. جايين يهنوا فرحانين".

الملاحظ أن كلمات الأغنيتين تشي بالفرحة، ولكن الألحان تشي بشيء مغاير تماما، لا علاقة له إلا بالأسى، وهذا ما حاول علي عبدالكريم أن يتجاوزه حينما أعاد غناء "يا ليلة العيد"، وذلك من خلال التوزيع الموسيقي الجديد للأغنية، والتي أزعم أنه تفوق فيها على مغنيتها الأصلية "أم كلثوم".

صحيح أننا ارتبطنا بهذه الأغاني وجدانيا، لا لأنها جميلة، ولكن لأنها كانت الخيار الوحيد الذي مرّ على أسماعنا أيام الطفولة.

فهل تلك الأغنيات هي انعكاس لحالة من الحزن العربي، وهل هي محصلة لتاريخ كبير من النكسات، لا أدري.. ولا أريد أن أبحث عن مبررات للحزن، بل عن أسباب للفرح.. نريد أن نفرح، وأن نسرق البهجة من رحم الأحزان، فلا يليق بالعيد سوى الأفراح النقية.