قد تكون سمعته أوسع بكثير من امتداده الأزرق المتقوّس أمام رمال نقية.. وقد تكون جاذبيته "وطنية" بالمعنى الحرفيّ الذي يعنيه اسم "شاطىء نصف القمر" لدى السعوديين في جميع المناطق، ولكنّ جمال زرقة موجه وصُفرة رماله فيه ما فيه من "تمييز" إقليمي يكشفه سجلّ حوادثه.
وحسب الناطق الإعلاميّ في حرس الحدود بالمنطقة العقيد محمد الغامدي فإن السواد الأعظم من الغارقين في موج القمر هم "من خارج المنطقة"، و"قادمون من حواضر ليس فيها بحار"، وهذا هو جوهر المشكلة، ويشير الغامدي إلى أن أكثر المتنزهين في الشاطىء "ليست لديهم خبرة كافية في السباحة"؛ فإن وُجدت فهي "لا تتعدّى خبرة برك السباحة الصغيرة أو مجاري السيول".
وورث شاطىء نصف القمر اسمه عن الأميركيين الأوائل الذين عملوا في شركة أرامكو، فقد اضطرّتهم حياة الصحراء القاحلة إلى البحث عن منتجع ترفيهي يخفّف عنهم حرارة الطقس، وكان ذلك في خمسينات القرن الماضي.
وقع اختيارهم على قوس بحري محدّد بكثبان رملية وحوّلوه إلى "بيتش" يرتمون على رماله.. لكن المجتمع السعودي لم يتقبّل الفكرة. فغادر موظفو الشركة الشاطىء الذي تحوّل إلى منتجع ترفيهي بمقاييس سعودية، وانتقلت مسؤولياته إلى أمانة المنطقة وحرس الحدود، وتطوّرت خدماته ليكون وجهة الباحثين عن صفاء البحر ونقاء الرمال؛ فاكتسب صيته الذائع على مستوى البلاد كلها.
والأسبوع الماضي سجّل الشاطىء أول حوادث الوفاة؛ والضحية شقيقان من خارج المنطقة الشرقية، وقد عُثر على جثة أحدهما في يوم غرقه، وجثة الآخر بعد ستة أيام. ولم تكن وفاة شابين غرقاً في حادثة واحدة مؤشراً طيباً في سجلّ سلامة شواطىء المنطقة، بل كان الحادث "خيبة أمل" على حدّ تعبير الغامدي الذي أضاف أن "خطة السلامة البحرية للعام الجاري كانت تستهدف الرقم صفر في وفيات الحوادث البحرية".
وفي الوقت الذي يلوم فيه الغامدي الشاطىء؛ فإنه يعتب على المتنزهين. "مشكلتنا هي المتنزهون". ومنذ بداية العام الهجري سجلت شواطىء المنطقة الشرقية كلها "قرابة 66 حالة إنقاذ" و"نصفها في شاطىء نصف القمر" الذي نشر فيه حرس الحدود دورياته ولوحات الإرشاد والتحذير " ولكن بعض المتنزهين لا يقرؤونها". "وبعضهم لا يستجيب حتى للتحذير الذي توجهه لهم الدوريات أثناء نزولهم إلى البحر".