تعثر المشاريع التنموية أصبح شكوى عامة فلا توجد منطقة في المملكة لا تعاني محافظاتها ومراكزها من هذا التعثر، ولا توجد وزارة لا تتحدث عن مشاريع متعثرة بنسب متفاوتة، البعض يعزو ذلك إلى آلية ترسية المشاريع التي تختار أقل العطاءات المقدمة، والبعض يعزو التعثر إلى آلية صرف مستحقات المقاولين التي تضع شروطا تعجيزية لصرف هذه المستحقات، وهناك من يرى أن ضعف المقاولين أمام كثرة المشاريع التي تجري ترسيتها عليهم هو السبب، وبغض النظر عن دقة هذا السبب أو ذاك فإن هناك مشكلة موجودة والكل يعرفها، وأقصد بالكل هنا الجهات المعنية بتنفيذ هذه المشاريع، وهذا التعثر ليس وليد اليوم فعمره لا يقل عن ست أو سبع سنوات، والسؤال ألا يوجد حل جذري لإنهاء هذه المشكلة المزمنة والمتفاقمة؟ قطعا هناك حل، فلا مشكلة بدون حل، وهناك أفكار كثيرة طرحت عبر الصحف فهناك من اقترح السماح باستقدام شركات كبرى من الشرق أو الغرب لتتولى تنفيذ المشروعات، وهناك من طالب بتعديل أنظمة وآليات المناقصات الحكومية، وهناك من رأى قيام اندماجات بين مؤسسات وشركات المقاولات لتشكيل شركات مقاولات عملاقة، وهناك من تحدث عن إعادة النظر في آلية المراقبة ومتابعة التنفيذ، وهناك من رأى أن الخطأ يكمن في تمركز المشروعات بيد الوزارات ورأى إحالتها إلى إمارات ومجالس المناطق، وقد يكون الحل في أحدها أو فيها مجتمعة، أو في حل آخر ليس من بينها، فلماذا لا تبادر الجهات المختصة إلى إيجاد ذلك الحل وتطبيقه فورا، بدلا من تبادل التهم وتصعيد الشكاوى التي يحتار المراقب فيها، فمن يشكو على من، بينما الحكومة كلها معنية بهذا الأمر.

إنني أعتقد أن على مجلس الوزراء وضع هذه المشكلة على أجندته ودراستها من كافة الأوجه واتخاذ القرار المناسب لحلها بأسرع وقت، لأن هذه المشكلة أصبحت عامة تشمل كل الوزارات الخدمية تقريبا وتؤثر تأثيرا سلبيا واضحا على مسيرة التنمية الوطنية التي يرصد لها سنويا عشرات المليارات من الريالات بينما النتائج المتوخاة لا تتحقق في الواقع كما هو مطلوب أو قريبا منه على الأقل فنسبة التعثر أصبحت لا تقل عن عشرين بالمائة وهي نسبة ليست قليلة سيما إذا أخذنا في الحسبان التراكم السنوي لهذا التعثر الذي تتداوله الشكاوى واللجان دون نتائج إيجابية تذكر.

المشكلة واضحة ومجلس الوزراء معني بدراستها وحلها وإلا ستبقى نسبة كبيرة من المشاريع التنموية حبرا على ورق، والكل يشتكي والكل يتفرج.