أثار التغيير الكبير الذي حدث في مصر تساؤلات بين الخبراء الاستراتيجيين في الولايات المتحدة حول طبيعة العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة لاسيما في المجال العسكري. وقال المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي ريتشارد هاس إن واشنطن على اتصال دائم مع أعضاء المجلس العسكري الحاكم في القاهرة في سعي للمشاركة في صياغة النتائج النهائية لهذا التحول. وأضاف هاس "يتوقف الأمر في نهاية المطاف على الخط السياسي الذي تتبعه الإدارة. وهناك من ينتقدون هذا الخط في مصر والمنطقة وفي واشنطن أيضا. وفي كل الأحوال فإن الاتصالات بيننا وبينهم لا تعني أنهم سينفذون ما نقول. إن هناك حدودا لقدرتنا على التأثير وهذا أمر لا يفهمه كثيرون".
وتابع "العسكريون في مصر سيتصرفون وفق ما يعتقدونه صحيحا للأوضاع الوطنية في مصر. وإذا ما رأوا أن ما يسمعونه من هنا لا يتفق مع تلك الأوضاع فإنهم يهملونه بأدب. فضلا عن ذلك فإنني أعتقد أن عددا منهم لم يكن سعيدا بالتذبذب في المواقف الأميركية.
وعلى الرغم من أنني أختلف مع من يقولون إن علاقاتنا العسكرية معهم تتركز حول المعونات الكبيرة التي نرسلها إلى مصر إذ إن تلك العلاقات اوسع كثيرا من ذلك فإنني أرى أن من الضروري مواصلة محاولات التأثير على صياغة النتيجة النهائية للمرحلة الانتقالية الحالية في مصر".
وقال الباحث الرئيسي في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك إن أي افتراض بأن العسكريين في مصر سيتبعون خطا مخالفا في قضايا الأمن القومي لما كان يتبعه النظام السابق هو افتراض خاطئ. وقال كوك "عدت من مصر قبل أيام. وفي أقصى الأحوال فإن ما سمعته من العسكريين كان بعض الانتقادات للسياسات الداخلية للرئيس مبارك. إلا أنهم يتبنون رؤيته ذاتها لقضايا الأمن القومي والعلاقات الخارجية. إن تلك الرؤية رؤية مؤسساتية إن جاز التعبير. إنها لا ترتبط بشخص معين".
ومن جهته رأى الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية آنتوني كوردسمان أن واشنطن ستواصل دعمها لمصر وأن ذلك الدعم يمكن أن يشهد تزايدا في المرحلة المقبلة.
وأضاف "من الخطأ تصور أن القوات المسلحة المصرية مؤسسة تقف خارج سياق المجتمع. الضباط تأثروا كثيرا بما حدث وقد رأينا عددا من كبارهم يهددون يوم الخميس الذي سبق استقالة الرئيس مبارك بخلع ملابسهم العسكرية والانضمام للمتظاهرين. إلا أن ذلك لا يعني بأي حال أن القوات المسلحة المصرية ترغب في رؤية حالة من الفوضى. إنهم يريدون المساعدة لتمكينهم من تنفيذ برنامج يضمن انتقالا سلميا للسلطة حتى المحطة الأخيرة".
وتابع "الولايات المتحدة تتفق تماما مع هذا الهدف لذا فليس ثمة سبب يدعوني للاعتقاد بأن علاقاتنا العسكرية ستتأثر إذا ما واصلت الأمور تطورها في المسار الراهن. وإذا ما هددنا باستخدام سلاح المساعدات العسكرية للضغط على المصريين فإن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى نتائج سلبية للغاية. إن علينا أن نتبنى موقفا حذرا يقتصر على تقديم المشورة عبر الاتصالات المباشرة. عدا ذلك فإن من الضروري ترك الأمور تمضي في مسارها الحالي".