رحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله، لكن ذكره الطيب وفعله الخير خالدان لا يموتان.. رحل الأمير سلطان بن عبد العزيز طيب الله ثراه، وبقيت أعماله وإنجازاته شاهد عيان على أنه كان يعيش على أرض الوطن رجل زعيم وقائد عظيم، أفعاله تسبق أقواله وعطاياه تسبق نواياه، مواقفه حاضرة في الأذهان وأفعاله شاهدة للأعيان، وعطاياه تجاوزت الأوطان، وكرمه لا يضاهيه إنسان.. كان الأمير سلطان بن عبد العزيز- يرحمه الله - رجل دولة من الطراز الأول، رجال في رجل؛ ولهذا يصعب الوقوف على كل إنجازاته أو حصر كل أفعاله أو الإلمام بكل مآثره.. لقد كان سجله - يرحمه الله - حافلا بالإنجازات، وحياته مليئة بالإصلاحات؛ حيث قاد الجيش وطوره على أسس علمية جمعت بين تحديث الأسلحة واستغلال التقنية الحديثة وتطوير العنصر البشري في منظومة فريدة؛ حتى أصبح الجيش السعودي ثاني أقوى جيش في الشرق الأوسط، وأثبتت القوات الجوية تفوقها في كل الحروب التي خاضتها المملكة. وحمى الحدود على اتساعها بحنكته الفريدة ليحافظ على مكتسبات الآباء والأجداد. وأدار الإصلاح - يرحمه الله - فأصلح كل الإدارات والوزارات وطور أنظمتها وزاد من فعالياتها. واهتم بالطيران المدني حتى غدت الخطوط السعودية أكبر شريان يربطنا بالعالم ويربط العالم بنا. وكان الأمير سلطان – يرحمه الله – قد حافظ على التوازن الاقتصادي والإستراتيجي؛ فشيد المصانع الحربية التي وفرت احتياجات الجيش الذاتية ونقلت التقنية الصناعية وحققت التكامل الصناعي بين القطاعات الوطنية وأسهمت في تنمية القوى البشرية الوطنية.. وحمى البيئة وحافظ على التوازن فيها وعمل على دعم السياحة وشجع الاستثمار فيها؛ حتى غدت السياحة ثاني مصدر للدخل في المملكة وثالث مصدر لفرص العمل.
كان الأمير سلطان بن عبدالعزيز - يرحمه الله - ركناً من أركان الحكم ساهم في بناء الدولة بعد توحيدها على يد والده المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومنذ ذلك الوقت والأمير سلطان مشغول بكل تفاصيل الدولة حريص على كل متطلبات وحدتها، يعمل على كل ضروريات حمايتها. تعلم علوم السياسة وفنون الإدارة من والده وإخوانه قادة هذه البلاد؛ فبعد أن تتلمذ على يد والده المؤسس الذي شكل لديه القاعدة الصلبة والمنطلق القوي للعمل الوطني.. صقل خبراته بمرافقة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد - يرحمهم الله -، وتوج خبراته وتجاربه بمرافقته ومساهمته مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - الملك المصلح والقائد العادل، فشكل هذا المزيج من التنوع البديع والمستوى الرفيع شخصية الأمير سلطان - يرحمه الله - ليفرض نفسه لاعباً أساسياً في سياسة ونهضة وتنمية وتطور هذه البلاد، وامتدت مواقفه السياسية لدول الخليج العربي والوطن العربي كزعيم تفرد بمواقفه الحازمة ورؤيته المستقبلية الثاقبة.
كان الأمير سلطان - يرحمه الله - سحابة خير تجوب الفيافي والبلدان وتمطر الخير في كل مكان. فلقد جبل على الكرم والإحسان فكانت نفسه كريمة وروحه سخية حتى اقترن الخير والكرم باسمه، وارتسم كرم نفسه على ابتسامته التي عرف بها؛ وقد ثبت في الدراسات النفسية أن الابتسامة مؤشر لكرم النفس، فكيف بسلطان بن عبد العزيز – يرحمه الله – يلاقيك بابتسامته الدائمة ويلاقيك بعطائه السخي حتى غدا أكرم من عاش على وجه الأرض؛ وحقاً إنه كذلك , فلم نسمع عن رجل يعشق العطاء بسخاء ويعمل بتفانٍ على إسعاد الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى كما كان يفعل سلطان بن عبد العزيز – يرحمه الله.
لم يكتف الأمير سلطان بعطائه المستمر وانما جعل العمل الخيري عمل مؤسساتي ومنظم؛ حيث أسس مؤسسة سلطان الخيرية التي تهدف إلى توفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتأهيل الشامل للمعوقين والمسنين من الجنسين، بالإضافة إلى إجراء الأبحاث والدراسات في مجال الخدمات الإنسانية والإعاقة والشيخوخة وغيرها. وقد قدم – يرحمه الله – لهذه المؤسسة بكلمة ضافية قال فيها : "إن العمل الخيري والإنساني هو لوجه الله سبحانه وتعالى" اللهم اجعل كل ما قدم في ميزان حسناته.
يقول الأمير خالد الفيصل وهو يصف الأمير سلطان بن عبدالعزيز – يرحمه الله – في كلمات محدودة لكنها تحمل مدلولات كبيرة: "كان الأمير سلطان بن عبد العزيز يعرف ويدرك دائماً أنه ابن عبد العزيز"، وقد أوجز سموه كما هي عادته، فعظمة سلطان بن عبد العزيز من عظمة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - يرحمه الله - ، وعطايا وإنجازات ومواقف سلطان بن عبد العزيز هه امتداد لعطايا وإنجازات ومواقف الملك المؤسس - يرحمه الله - ؛وهو بهذا كان يستشعر حجم المسؤولية الكبيرة التي كانت ملقاة على عاتقه - يرحمه الله - في مسؤولياته وإسهاماته وإنجازاته على كل المستويات.
هذا هو سلطان الخير، كان جمعية خيرية تسير على قدمين كما وصفه الأمير سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله، أياديه البيضاء شملت القريب والبعيد لا تميز بين سعودي وغير سعودي، خيره وفضله واصلان للجميع. فإلى جنة الخلد ياسلطان الخير.