السعوديون بينهم علاقة جاذبة لا أحد يعرف سرها، فهم متواجدون بكثرة في أي مكان توجد فيه "زحمة"، وقد يكونون هم أساس هذه الزحمة ومحورها.
في أشهر المدن وكذلك الأرياف، رائحة السعوديين - الجميلة طبعاً - تلاحقك، دون أن تجبرك على التساؤل: لماذا هنا بالذات؟
في كل إجازة قصيرة، تخطف العائلات السعودية نفسها إلى دبي، وفي دبي يلقي السعودي التحايا على زملائه أكثر من الإماراتيين أنفسهم، فهو بالصدفة يشاهد صديق العمل والجار والقريب. وسبب ذلك الهروب الجماعي إلى المدينة ذاتها كل عام، ليس لأنها دبي، بل هي العادة الأشهر في سفر السعوديين. السفر عندنا ليس للاستكشاف، بل للأكل و"الفشخرة" والسهر، والمعاكسة أحياناً.
الكويت جميلة، عمان أيضاً، حتى دولة الإمارات العربية المتحدة، فيها الشارقة وأبو ظبي وعجمان وغيرها، لكن السلبي في كل هذه المدن أن الأفواج الزائرة ستعود دون أن "تكشخ" على بعضها البعض.
من ألفاظ السفر المعروفة لدى الوسط المحلي الهارب من حرارة الصيف كل عام إلى أوروبا، هي حين يقول الشاب "هذول من بنات لندن" أو تقول الفتاة "هذا من شباب باريس! أريد أن أمارس رياضة الضحك، الضحك في مثل هذه الأحوال يتحول إلى رياضة لإخراج الغباء المستفحل في ثقافة السفر.
قد أعيب على كثيرين سلوكيات معينة، أقوم بارتكابها في نفس الوقت، لا يعني هذا أنني معصوم، لكنني أريد أن أجد لي ولهم حلاً.
حين تسأل أحدهم "هل زرت متحفا؟" يرد عليك: "تخيل أصحى الصبح عشان متحف"! هذه حقيقة الغالبية، الأسواق والمقاهي وما شابهها تصميماً واختلف عنها في قائمة المشروبات والأطعمة.
لا نعرف من الأشياء إلا أسماءها، وثقافة الأشياء شبه منعدمة لدينا. قمة المتعة لدى السائح السعودي معرفة كل الموجودين، ومشاهدة جميع الوجوه.. التزاحم على طاولة مقهى لساعات لأن شخصية ما ستتواجد فيه! أمر مثير للسخرية.. والأكثر سخرية هو المبالغ التي تدفع من "تحت" الطاولة لشرب فنجان قهوة "فوقها"!
الآن، معظم عشاق السفر هربوا إلى دبي، سيعودون منها.. واسألوهم أين ذهبوا، نفس الأماكن التي ذهبوا لها قبل عام، المختلف فقط وجود أفلام جديدة، وحفلة موسيقية رائعة.. كل ما تبقى، سعوديون يزاحمون أنفسهم بحرية.