لا شك أن كافة شعوب كوكب الأرض تتسابق جميعها قاصيها ودانيها نحو معانقة أعالي درجات المجد، فترتقي سلم الصعود سريعا دون تكاسل أو تسويف، ويتسابق كل أفرادها فرادى وجماعات بقوافل منظمة لا نهاية لها، ونقطة انطلاقتها محددة سلفا هدفها خدمة مجانية للبشرية وبثقافة رائعة شعارها دائما الذي ترفعه التعايش بوسطيه منطقية دينية وثقافية وحضارية وتقنية، وبالاتجاه المعاكس تماما نترنح نحن كشعوب نامية عربية؛ لا ثقافة لشعوبها إلا ترديد ما يقوله الآخرون والتفاف شتى الثقافات بغثها وسمينها؛ دون تمييز ولا حتى بصيرة رأي، والانتقاد والتهكم بطقوس تلك الأمم الدينية السماوية وطريقة عيش أفرادها وتعايشهم بمنطقيه مع كافة الشعوب.
نعم قد اهتزت صورة حسن النوايا عندنا تجاه هذه الثقافات الغربية ؛ فتارة نحسبها غزوا فكريا لعقول وأذهان شبابنا وفتياتنا وأخرى نعتقد أنها حرب منظمة لطمس معالم عروبتنا وسلخ جلود ثقافتنا ومرة نجزم بأنها احتلال لحدود عيشنا، وتفرغ بعض شبابنا لتصنيف البشر، فتارة يقال هذا علماني وآخر يطلق علية ليبرالي وثالث يقال له موال ورابع ينعت بأنه رأسمالي، وتشعبت التصنيفات واختلفت المسميات وشحنت الأنفس؛ فتأجج الموقف وخرج الخوارج على ولي الأمر، فهذا يفتي بجواز قتل الكفار الملحدين والأطباء والمهندسين والفنيين وإخراج كافة المشركين، وآخر ينفذ فيحمل بارودته؛ ويصوبها مباشرة على حماة مقدساتنا وأعراضنا وحكومتنا والثالث يصرح بتفجير أنابيب نفطنا واستهداف أمننا وتخويف أطفالنا وشيوخنا ورابع يقوم بجمع صدقات أموالنا ويجهز بها أحزمة ناسفة يسير بها وسط شوارعنا، وخامس يشيد بغزوة منهاتن وأبراج التجارة وسادس يلتحف العباءة ويتشبه بالنساء ويغدر برجال الأمن فيلقى حتفه بعباءته وسابع يفجر نفسه فتتطاير أحشاؤه وثامنة تغافل أهلها وتهرب بأطفالها وتخرج خارج ديارها فهذه هي ثقافتنا ومن صنع أنفسنا ولا علاقة للآخرين بنا.