يرى عدد من المسرحيين في "تأصيل المسرح العربي" ضرورة مهمة للمحافظة على الهوية العربية، معتبرين الغوص في الإرث والموروث الحضاري هو الذي يعطي هذه الهوية، وعلى الجانب الآخر يرى عدد من المسرحيين أن الخوض في مسألة التأصيل هو انكفاء وتقوقع على الذات, وأن العالم الذي أصبح قرية صغيرة بتطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا يحتم علينا النظر إلى هذا الموضوع بمنظار أوسع نحو عالمية الإبداع والتجربة الإنسانية.

هذا ما أنهى به المخرج الأردني بسام المصري، ندوته "التأصيل في المسرح العربي" التي أدارها ماهر الغانم، ضمن فعاليات مهرجان مسرح الدمام للعروض القصيرة، مساء أول من أمس.

وذكر المصري أن المجتمعات العربية عاشت بين مطرقة الجهل والتجهيل ومحاولات المساس باللغة العربية، وسندان الاستعمار الأجنبي لأراضيها وثرواتها، فأصبح هو المتأخر عن ركب العلوم والابتكارات وإن كان هو السباق فيها، وتمثل هذا الضياع والتشرد في ثقافتنا وأدبنا ومسرحنا فلم نستورد فكرهم وتطلعاتهم ونظرياتهم فحسب، وإنما استوردنا قوالبهم وأشكال فنهم حتى أصبحت مسارحنا لا تبتعد عن العلبة الإيطالية بأفكار مؤدلجة لليمين أو لليسار، وكعرب لسنا الوحيدين على الكرة الأرضية ولا بد من التأثر بغيرنا من المجتمعات ولا بد من الاستفادة من الابتكارات والاختراعات على كافة الصعد، من هنا جاءت الضرورة والحاجة إلى البحث عن الذات.

ويضيف أنه لا بد من العودة للإرث والموروث في محاولات جادة لصبغ المسرح العربي بالصبغة الخاصة به من خلال المحافظة على الأصالة والقيم الروحية والموروثة، كما ظهرت عدة محاولات ودراسة جادة لتأهيل المسرح العربي في البحث عن حداثة حقيقية معتمدين على أبطال السير العربية وأحداثهم الدرامية مثل إيجاد شخصية (الحكواتي) و(المقلداني) وتوظيف (السامر) و(خيال الظل) و(القراقوز) و(الفلكلور الشعبي)، وظهرت أشكال مسرحية مثل الاحتفالية والفرجة المسرحية وانتقلت العروض المسرحية من العلبة الإيطالية إلى فضاءات أوسع كالشوارع والمقاهي...إلخ.