أدت سهولة وتعدد استخدام وسائل الاتصال الحديثة إلى تعميم تبادل المواقف والأفكار بين الناس. كما شجع الحراك الاجتماعي في المجتمعات فأثار الجدل والحوار حول هذه الأفكار فأخرجت القضايا والهموم من أروقة الأبواب المغلقة إلى ساحات المجتمع.

بهذه الروح، يعالج الدكتور راكان حبيب موضوعه "كيف أسهمت هذه الوسائل في عولمة الثقافة والسلوك الاستهلاكي، وعولمة الجدل والخلاف الداخلي في أي مجتمع وجعلها محور تواصل جماهيري عالمي"، في كتابه الصادر حديثا بعنوان "وسائل الاتصال والإعلام الجديد"، وبغض الطرف عما يمكن أن تحدثه كلاسيكية العنوان، إلا أن الكتاب المكون من ثلاثة أبواب، تضمنت مدخل الاتصال الجديد، ووسائل الاتصال الجماهيري، ووسائل الاتصال الجديد، يسعى لملاحقة - بحسب المقدمة - حكاية ما فعلته وسائل الاتصال في المجتمعات بداية من الجريدة الورقية إلى الإلكترونية ومن الراديو إلى راديو النت إلى تليفزيون النت، مرورا بالأرضي ثم الفضائي، ومن التليفون إلى الجوال.

ويذهب راكان أستاذ الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز في الكتاب الصادر عن مكتبة دار زهران إلى أن الوسائل الجديدة جذبت اهتمام مؤسسات المجتمع المدني إلى ما يحدث في أي بقعة في العالم، وبسببها أصبحت مفاهيم إنسانية مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير والمساواة والتعددية والحوار واحترام الآخر والسلام تشكل قضيا عولمية قائلا "اقرب الأمثلة على قوة أثر هذه الوسائل أن الحراك الشعبي العلمي ضد التلوث، وتعاطف وتأييد الشعوب الأوروبية ومؤسسات المجتمع المدني في العالم مع الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي متخطية الإعلام المنحاز لإسرائيل"، متوصلا إلى أن العولمة تعد إحدى أهم ثمرات قدرة الفرد على التواصل مع العالم وعلى تعميم نشر استخدام وسائل الاتصال الجديد.

وأننا إذا حاولنا استكشاف الفروق بين إنسان عصر ما قبل التاريخ الميلادي وبين إنسان العصر الحديث في القرن العشرين وفي القرن الواحد والعشرين، سوف نجد أن أحد أهم هذه الفروق هي استخدام الإنسان لوسائل الاتصال، إذ يعد مؤشرا لاستمرار قدرة الإنسان على تطوير هذه الوسائل وتنويعها لاستخدام قوته الاتصالية في توسيع رقعة التواصل مع أفراد وجماعات متعددة ومتنوعة ولزيادة تأثيره الجماهيري. ينزع الكتاب الواقع في 242 صفحة من القطع المتوسط للرصد التاريخي، أكثر من نزعته التحليلية التفكيكية لإظهاره التواصل عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الأشهر (الفيس بوك، يوتيوب، سكايب، تويتر) ووسائل الاتصال (البلاك بيري، وآي فون، وآيباد). كما يعرج للصحافة الإلكترونية، معتبرا العام 1995 تاريخا لدخول الصحف العربية لشبكة الإنترنت.

ثم يقدم عرضا وصفيا لماهية وخصائص الصحافة الالكترونية لافتا إلى أنه وجد عبر محركات البحث أكثر من 40 صحيفة إلكترونية سعودية جديدة وممتدة من الورقية، وتشكل الالكترونية الجديدة 50 % منها.